سبحانه وتعالى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله ( ألم تر كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل ) فإنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم ير الحادثة لأنه ولد في عامها « عام الفيل » بل رآها بوجدانه وعقله لشهرتها بين الناس ، وإجماع المؤرخين على حدوثها.
كيف وقعت الحادثة ؟ اتخذ العلماء الواعون هذه الحادثة من أعظم الدلائل على وجود الله سبحانه وتعالى ، لأنّ حدوثها خارج عن مظاهر الطبيعة وأسبابها وذلك كما يلي :
(أ) هل الطبيعة تُحمِّل الطيور أحجاراً بالمظهر الذي مرّ ذكره ؟
(ب) هل الطبيعة تولد تلك الطاقات الجبارة في تلك الأحجار الصغيرة لتبيد آلافا من الرجال وتقطع أجسامهم إربا إربا ؟
هيهات ، هيهات ! فإن حادثة الفتك والهلاك أحدثها رب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ( ألم تر كيف فعل ربّك ) وكذلك هو ربنا ورب العالمين ، وهو الذي نادى رسوله أيضاً ( واعبد ربّك حتى يأتيك اليقين ) ( نهاية سورة الحجر ).
فليكن النداء الأول ( ألم تر كيف فعل ربّك ) منبها للحاج وللقراء الأعزاء ليتبعوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وفي النداء الثاني ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) وليسلكوا سبيله في عبادة ربهم حتى يأتيهم اليقين ( يعني الموت ) وليحذروا أن يأتيهم الموت بغتة وهم ساهون لاهون ، وعن طاعة ربهم معرضون ( رجاء : راجعوا مرة أخرى الصفحات ١٩ ـ ٢٠ ـ ٢١ ) فإن الله سبحانه وتعالى سيعذب المجرمين يوم القيامة بأحجار عذابها أكبر من الأحجار التي رمي بها أصحاب الفيل أضعافا مضاعفة في الشدة والمدة ويشاركهم أصحاب الفيل أيضاً وذلك لأنها نارية ، ويمتد عذابها لمدة طويلة قد تكون آلافا من السنين ، أو أبدية مضافاً إليها مظاهر أخرى من العذاب ( نعوذ بالله ) كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قوا انفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) ( التحريم : ٦ ).