إليه الإنسان فإنّه ليس لا يقترف الذنب في المجتمع ولا بعيدا عن أعين الناس وحسب ، بل لا ينجس صدره بنية سوء أبدا ، لأنّها هي الأخرى يعلمها الله. وهذه أكبر ضمانة للالتزام بالنظام ، وقد أثبتت الإحصاءات أنّ ثمانين بالمائة من حوادث الاجرام التي تقع في العالم ناشئة من اعتقاد المجرم بأنّه قادر على الفلت من الرقابة والجزاء ، لأنّ الحاكم مهما بلغ فهو بشر مثله محدود القدرات اطّلاعا ومجازاة ، ولكن هل يصدق ذلك بالنسبة إلى الله سبحانه؟ كلّا .. والقرآن ينسف أدنى تصوّر بهذا الاتجاه إذ يقول متسائلا :
(أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ)
الذي ينفذ علمه إلى أدقّ الأشياء وأخفاها.
(الْخَبِيرُ)
العالم علما شاملا وكاملا بخلقه ، وإذا كان الخبير من البشر يعلم بدقائق ما يصنعه من الأجهزة فكيف بالخالق المطلق العلم؟! إذن فلا تحاول أيّها الإنسان أن تخادع نفسك ، ولا تسمع لنداء الشيطان الذي يحاول تغريرك والإيحاء لك بأنّك بعيد عن الأنظار فتمارس الخطيئة.
وهناك رواية في معنى «الخبير» مأثورة عن الإمام علي بن موسى الرضا ـ عليه السلام ـ : «وأمّا الخبير فالذي لا يعزب عنه شيء ولا يفوته ، ليس للتجربة وللاعتبار بالأشياء ، فعند التجربة والإعتبار علمان لولاهما ما علم ، لأنّ من كان كذلك كان جاهلا (قبل العلم ومحدود المعرفة) ، والله لم يزل خبيرا بما يخلق ، والخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلّم ، فقد جمعنا الاسم واختلف