إنّها كلّها تهدف رفعنا إلى مستوى خشية ربنا بالغيب.
(إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ)
لما سبقت منهم من سيئات وخطيئات.
(وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)
وذلك لأنّ خشية الله بالغيب من الحسنات الكبيرة التي تذهب السيئات وتضاعف الصالحات. فما هو معنى الخشية بالغيب؟
الجواب إنّها خوف الله بالمعرفة الإيمانية ، وليس نتيجة العوامل المادية التي يعانيها الإنسان ، ويلمس آثارها في الدنيا .. فتارة يلتزم الواحد منّا بأحكام الله ويطبّق رسالته لأنّ الحكم بيد أوليائه الذين يجرون حدوده وأحكامه ، فهو لا يقدم على السرقة ولا الزنى لأنّ الحاكم سوف يقطع يده ويجلده أو يرجمه بالحجارة ، وتارة يستجيب لله لمعرفته وإيمانه بالآخرة ، وأنّه تعالى يعذّب العصاة بالنار ، فإذا بذلك العامل الغيبي الذي لا يراه ببصره ولكنّه يعاينه ببصيرته يعكس الخوف من الله في كلّ كيانه.
ومن المعارف التي تبعث في النفس روح الخشية من الله هي معرفة الإنسان برقابته المطلقة تعالى على كلّ شيء وعلمه به ، لا فرق بالنسبة إليه بين السرّ والجهر ، لأنّ هذه المعرفة تجعل من الغيب حاضرا في وعي البشر وسلوكه.
(وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)
أي مطّلع على النوايا الباطنية التي تنطوي عليها نفوس الناس ، وتصدر عنها الأقوال والأفعال في مرحلة متأخرّة عن تكوّنها. وهذا المستوى من المعرفة إذا سمى