ـ صلّى الله عليه وآله ـ : «إنّما يرتفع العباد غدا في الدرجات وينالون الزلفى من ربّهم على قدر عقولهم» (١) وما كان الكفار يعقلون فهم لا ينالون شيئا ، بل يتسافلون في دركات العذاب. وإنّ إغفال الإنسان لدور العقل لهو أعظم الذنوب ، لأنّه الذي تتفرّع عنه كل معصية وخطيئة ، وهذا ما يكتشفه أهل النار يوم القيامة.
(فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ)
وكيف لا يعترف البشر لله بذنبه وله الحجّة البالغة عليه ، وكلّ شيء يشهد عليه حتى جوارحه؟! وربما نهتدي من كلمة «فاعترفوا» ـ بإضافة إيحاءات السياق ـ أنّ الكفّار يرفضون الحق وهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنّهم يختارون الباطل إلّا أنّهم لا يعترفون بذلك في الدنيا.
(فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ)
أي ليكن جزاؤهم أن يسحقوا بالعذاب وبالأقدام ، والسحق : هو دق الشيء أشدّ الدق (٢) حتى يصير جزئيات صغيرة في مثل الرمل والطحين أو أنعم من ذلك ، وقيل : هو الإبعاد عن رحمة الله (٣) والمعنيان متحدان لأنّ السحق في الآخرة بالمعنى الأوّل نتيجة لطرد الله الكافر من رحمته.
[١٢ ـ ١٤] ويصل السياق إلى محور السورة حيث التأكيد على خشية الله بالغيب ، فإنّ الآيات التي عرّفتنا على جانب من عظمة ربنا في مطلع السورة ، وهكذا التي حدثتنا عن عذاب الكافرين وبعض أحوالهم يوم القيامة ، وكذلك بقية الآيات حتى خاتمة سورة الملك والتي تنسف أفكار الشرك بالله ومزاعم المشركين ..
__________________
(١) المصدر.
(٢) المنجد / مادة سحق.
(٣) المصدر.