ولكن هل بقيت ثمود وعاد على التكذيب بلا رادع؟ كلا ..
(فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ)
وفي الطاغية قولان قريبان من المعنى :
الأول : أنّها الصيحة التي أرسلها الله عليهم ، فجعلتهم غثاء خامدين ، وسوّى بها بيوتهم ، وسمّيت بالطاغية مبالغة في وصف عظمتها ، وإشارة إلى أنّها جاءت خارج السياق المعتاد للظواهر ، وزائدة عن حدّ القوانين الطبيعية ، فإنّا نقول : طغى الماء : إذا تجاوز الحد ، وفاض به النهر.
الثاني : ولعلّها اسم لحالة الطغيان ، قال تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها* إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها* فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها* فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها* وَلا يَخافُ عُقْباها) (١) ، والذي يبدو أنّ الكلمة تعبّر عن المعنيين في آن واحد ، ونهتدي منها أنّ الجزاء الإلهي حكيم للغاية ، فهو من جنس العمل وبحجمه.
(وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ)
أي ريح باردة وذات صوت ، جاء في المنجد : الصرصر من الرياح : الشديدة الهبوب أو البرد ، وصرصر الرجل : صاح شديدا ، وسمّي الصرصور بذلك لأنّه يصيح صياحا رقيقا في الليل (٢).
وأمّا العاتية ففيها أقوال : أحدها أنّها التي خرجت عن أمر الملائكة الموكّلين
__________________
(١) الضحى / ١١ / ١٥.
(٢) المنجد مادة صر.