ونفهم من قوله «للكافرين» أنّهم ليس لهم يوم يقع العذاب دافع يدفعه عنهم لا من عند أنفسهم أو من أشركوا بهم ولا من عند الله. وأيّ قوّة يمكن أن تتحدى إرادة الله العظيم حتى يتشبّث بها الكفّار؟ إنّ العذاب ليس من بشر مثلهم حتى يقدروا على دفعه ، ولا من مخلوق. إنّه من ربّ العزة المتعال الجبّار.
(مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ)
قال البعض : إنّ كلمة «ذي المعارج» ليست اسما لله سبحانه ، وجاء في الدر المنثور : أخرج أحمد وابن خزيمة عن سعد بن أبي وقّاص أنّه سمع رجلا يقول : لبيك ذي المعارج ، فقال : إنّه لذو المعارج ، ولكنّا كنّا مع رسول الله (ص) لا يقول ذلك (١) ، ولكنّ الأظهر أنّه اسم لله لوروده في أدعية الحج حيث قالوا : يستحب أن يقول في التلبية : «لبّيك ذا المعارج لبّيك» ، على أنّ نص القرآن ظاهر في ذلك وهو المقياس.
وفي معنى المعارج أقوال منها : الفواضل ، وعليه جلّ المفسرين ، وزاد صاحب المجمع : والدرجات التي يعطيها للأنبياء والأولياء في الجنة ، لأنّه يعطيهم المنازل الرفيعة ، والدرجات الطيبة (٢) ، وفي التبيان قال العلّامة الطوسي : هي معارج أو مراقي السماء (٣) ، وقال صاحب الميزان : وهي مقامات الملكوت ، وقال : الدرجات التي يصعد فيها الإعتقاد الحق والعمل الصالح ، قال تعالى : «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ» (٤) ، وقيل : هي مصاعد الملائكة .. ويمكن أن تكون الأقوال كلها صحيحة ، ويجمعها الأصل اللغوي للكلمة .. فالمعارج مواضع العروج
__________________
(١) الدر المنثور / ج ٦ ص ٢٦٤.
(٢) مجمع البيان / ج ١٠ ص ٣٥٣.
(٣) التبيان / ج ١٠ ص ١١٤.
(٤) الميزان / ج ٢٠ ص ٧.