السنة التي توفي فيها الإمام العسكري ، وما قاله محمد بن يحيى لا يوجب طعناً على أحمد بن أبي عبدالله البرقي ؛ لثقته بالاتفاق ، فكأن محمد بن يحيى تمنى أن يكون من حدّث شيخه الصفار بهذا الحديث قد مات في حياة الإمام العسكري أو الإمام الهادي عليهماالسلام وليس البرقي الذي عاش إلى سنة ٢٧٤ ه ، أو ٢٨٠ ه ، على قول آخر ؛ لأن الإخبار عن شيء قبل وقوعه ، وتحقق ذلك الشيء على طبق الخبر يعد من الاعجاز الذي لا يحتاج في قوة ثبوته إلى شهرة الخبر بتعدد رواته ، اذ لا مجال لتكذيبه بأي حال من الاحوال وان لم يروَ إلاّ بسند واحد.
فجاء الجواب من الصفار بأنّ ما رواه الثقة الجليل البرقي كان قبل وقوع الغيبة بعشر سنين.
ولا يخفى على أحد بان المخبر ـ الذي لم يوثق ـ عن شيء قبل وقوعه ، لا يشترط في قبول قوله أكثر من موافقته للشروط المنصوص عليها في قبول الخبر الضعيف ، أو تحققه على طبق خبره ؛ لأنه كاشف عن صدقه ، حتى وان لم توثقه كتب الرجال (١).
ومثال هذا ما رواه الكليني والصدوق بسند صحيح ، عن أبان بن عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، عن عبدالله بن جعفر الطيار ، عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث جاء فيه النص على الإمام عليٍّ وبعده ابنه الحسن ، ثم ابنه الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثمّ محمد الباقر عليهمالسلام ثمّ ، قال : «ثم تكملة اثني عشر إماماً تسعة من ولد الحسين » (٢).
__________________
(١) وأما مع توفر وثاقة المخبر فلا يشترط ذلك بالاتفاق؛ إذ المفروض صدقه ، وليس بعد الصدق إلاّ مطابقة الخبر للواقع كمسألة نزول عيسى وظهور المهدي وفتنة الدجال ونحوها ، وان لم يتحقق شيء منها بعد.
(٢) أُصول الكافي ١ : ٥٢٩ / ٤ باب ١٢٦ ، وكمال الدين ١ : ٢٧٠ / ١٥ باب ٢٤ ، والخصال ٢ : ٤٧٧ / ٤١ من أبواب الاثني عشر.