الرحمة ، وكان يقفل فلا يفتح من عيد الزيتون إلى عيد الزيتون. ومن الباب الغربي يسار إلى الكنيسة العظمى المسماة بكنيسة القيامة (١٦٦) وهي المعروفة بكنيسة قمامة ، وتحج إليها الروم من سائر الأقطار. ويقابلها من المشرق كنيسة الحبس الذي فيه المسيح عيسى عليه السلام. وبها مقابر الفرنج وشرقيه المسجد المعظم المسمى بالأقصى ، وليس في الدنيا كلها مسجد على قدره إلا جامع قرطبة من بلاد الأندلس.
وطول المسجد الأقصى مائتا باع في عرض مائة وثمانين. وفي وسطه قبة عظيمة تسمى قبة الصخرة (١٦٧). ويقال إن سقف جامع قرطبة أكبر من سقف الأقصى وصحن الأقصى أكبر من صحن جامع قرطبة. وبالقرب من باب الأسباط كنيسة حسنة كبيرة
__________________
(١٦٦) كنيسة القيامة : من أعرق كنائس بيت المقدس ، تقع على مقربة من قبة الصخرة المشرفة في البلدة القديمة في القدس ، حيث تم بنائها في عهد الإمبراطور قسطنطين بأمر من أمه الملكه هيلانة سنة ٣٢٥ ميلادية. تمتعت كنيسة القيامة ولا تزال بأهمية استثنائية وقد وصفها الرحالة المسلمون الذين زاروا بيت المقدس ومنهم ناصر خسروا الذي يقول : " للنصارى في بيت المقدس كنيسة لها عندهم مكانة عظيمة ويحج إليها كل سنة كثير من بلاد الروم
(١٦٧) تعتبر قبة الصخرة المشرفة إحدى أهم المعالم المعمارية الإسلامية في العالم : ذلك أنها إضافة إلى مكانتها وقدسيتها الدينية ، تمثل أقدم نموذج في العمارة الإسلامية من جهة. ولما تحمله من روعة فنية وجمالية تطوي بين زخارفها بصمات الحضارة الإسلامية على مر فتراتها المتتابعة من جهة أخرى ، حيث جلبت انتباه واهتمام الباحثين والزائرين وجميع الناس من كل بقاع الدنيا لما امتازت به من تناسق وانسجام بين عناصرها المعمارية والزخرفية حتى اعتبرت آية من في الهندسة المعمارية ، تتوسط قبة الصخرة المشرفة تقريبا ساحة الحرم الشريف ، حيث تقوم على فناء (صحن) يرتفع عن مستوى ساحة الحرم حوالي ٤ م ، ويتوصل إليها من خلال البوائك (القناطر) التي تحيط بها من جهاتها الأربع ، بنى هذه القبة المباركة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (٦٥ ـ ٨٦ ه / ٦٨٤ ـ ٧٠٥ م) ، حيث بدأ العمل في بنائها سنة ٦٦ ه / ٦٨٥ م ، وتم الفراغ منها سنة ٧٢ ه / ٦٩١ م. وقد اشرف على بنائها المهندسان العربيان رجاء بن حيوة وهو من بيسان فلسطين ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان وهو من القدس (مجير الدين (١٩٧٣) ، ج ١ ، ٢٧٢ ـ ٢٧٣).