ومن رضوى يقطع حجر المسن ويحمل إلى جميع البلاد. جبل الرقيم : وهو المذكور في القرآن. قيل هو اسم القرية التي كان فيها أصحاب الكهف ؛ وقيل : اسم الجبل ، وهو بالروم بين أرقية ونبقية.
حكى عبادة بن الصامت (٣٩٤) رضي الله عنه قال : أرسلني أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى ملك الروم رسولا لأدعوه إلى الإسلام ؛ فسرت حتى دخلت بلاد الروم فلاح لنا جبل يعرف بأهل الكهف ، فوصلنا إلى دير فيه وسألنا أهل الدير عنهم فأوقفونا على سرب في الجبل. فوهبنا لهم شيئا وقلنا : نريد أن ننظر إليهم. فدخلوا ودخلنا معهم ، وكان عليه باب من حديد فانتهينا إلى بيت عظيم محفور في الجبل ، فيه ثلاثة عشر رجلا مضطجعين على ظهورهم كأنهم رقود ، وعلى كل واحد منهم جبة غبراء وكساء أغبر قد غطوا بهما من رؤوسهم إلى أقدامهم ، فلم ندر ما ثيابهم أمن صوف أم من وبر ، إلا أنها كانت أصلب من الديباج ، فلمسناها فإذا هي تتقعقع من الصفاقة ، وعلى أرجلهم الخفاف إلى أنصاف سوقهم منتعلين بنعال مخصوفة ، وفي خفافهم ونعالهم من جودة الخرز ولين الجلود ما لم ير مثله.
قال : فكشفنا عن وجوههم رجلا رجلا فإذا هم في وضاءة الوجوه وصفاء الألوان وحسن التخطيط ، وهم كالأحياء ، وبعضهم في نضارة الشباب ، وبعضهم أشيب ، وبعضهم قد وخطه الشيب ، وبعضهم شعورهم مضفورة ، وبعضهم شعورهم مضمومة ، وهم على زي المسلمين. فانتهينا إلى آخرهم فإذا فيهم واحد
__________________
(٣٩٤) عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن غنم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرجي الأنصاري. شهد بيعة العقبة الأولى وهو أحد الخمسة الأول من الأنصار الذين شاركوا في جمع القرآن في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، اشتهر بأنه لا يخاف في الحق لومة لائم ، فقد خالف معاوية في عهد الخليفة عثمان بن عفان عند ما ذهب إلى الشام يثقف أهلها. توفى سنة أربع وثلاثين للهجرة وهو ابن اثنان وسبعين عاما ودفن بالرملة.