ذكرناها ، وحدا لها ينتهي بين بلاد السودان وبلاد مصر المتقدم ذكرها أيضا ، وحدا لها إلى أرض البجة. وأما أرض البجة فإن ديارهم صغيرة وهم فيها بين الحبشة والنوبة وهذه البرية التي لا تسلك.
وأما الحبشة (٤٧) : فإنها على بحر القلزم وهو بحر فارس فينتهي حد لها إلى بلاد الزنج ، وحد لها إلى البرية التي بين النوبة وبحر القلزم ، وحد لها إلى البجة ، والبرية لا تسلك. وأما أرض الزنج فإنها أطول أراضي بلاد السودان ولا تتصل بمملكة من الممالك أصلا غير بلاد الحبشة وهي في مجاورة اليمن وفارس وكرمان في الجنوب إلى أن تحاذي أرض الهند.
__________________
(٤٧) أرض الحبشة : هضبة مرتفعة غرب اليمن بينهما البحر ، وعاصمتها أديس أبابا ، ولهم صلات قديمة مع العرب ، ولملكهم موقف يذكر ويشكر مع المسلمين الأوائل الذين هاجروا إليه فوجدوا في كنفه ملجأ وحسن جوار. حيث كانت الحبشة المكان الأول الذي ضم وأحتضن المسلمين الأوائل عند هجرتهم الأولى وهربهم بدينهم الحنيف وفرارهم من كفار مكة. وبالرغم من أن الصلات بين الأحباش والمسلمين كانت في عهد الرسول الكريم r طيبة وودية ، إلا أنه بدأت بعض الاحتكاكات بين الأحباش والدول الإسلامية بعد ذلك منذ عهد عمر بن الخطاب. ويذكر أن ميناء جدة تعرض لغارات الأحباش مما أضطر المسلمين لرد هذا العدوان ، وقد سجل لنا التاريخ مراحل متعددة بين ممالك الطراز الإسلامي ومملكة حبشه المسيحية فقد طمع الأحباش في مد سلطانهم لهذه الممالك التي ننحكم بحكم موقعها في منطقة القرن الأفريقي في التجارة الخارجية عبر المحيط. وقد أرسلت الملكة" هيلانة" ملكة الحبشة في عام ١٥١٠ رسولا إلى الملك" عمانويل" ملك البرتغال بهدف الاتفاق على عمل مشترك ضد القوى الإسلامية ، لكنها أيضا كانت تنوي مهاجمة مكة وهي في هذا بحاجة لمساعدة الأسطول البرتغالي الذي أحرز انتصارات حاسمة على الأساطيل الإسلامية في المحيط الهندي. وقد استجابت البرتغال لهذا الطلب الحبشي وأرسلت قوة على رأسها أحد أبناء فاسكو داجاما ، وقد منيت القوات البرتغالية بخسائر فادحة وقتل قائدها ـ لكن لم تستطع القوارب الإسلامية أن تحقق نصرا على الحبشة والقوات المؤازرة لها