والمنظور إليه ، ونحن نصيّر هذا الأمر إليك قال لهم : «ليس يمنعنى من إجابتكم إلى ما سألتم تقصير فى النّصيحة لكم ، ولكنى أكره أن أعقد فى أعناقكم عقدة ترجعون عنها ، فأكون أنا الدّاعى إلى هلاك نفسه ، ولكنّى أقنع بالعافيّة ما وسعتنى ، فإن وقع أمر كنت فيه كأحدكم ، فقال له محمد بن الفارسى «ما لنا من هذا الأمر بدّ» ، فلمّا رأى القوم فى جدّها قال لهم : «أعطونى من بيعتكم ما أثق به» فقالوا له : «أنفسنا دون نفسك» فأخذ بيعتهم على ما أراد ، ثم انصرفوا إلى المغيرة وهو بدار الإمارة فحصروه بها فبعث إليهم فسألهم : ما الّذى يريدون؟ قالوا : «ترحل عنا وتلحق بصاحبك أنت ومن معك.
وكتب عبدويه : إلى الأمير الفضل من عبد الله بن الجارود ، أما بعد : فإنّا لم نخرج المغيرة إخراج خلاف عن الطاعة ، ولكن لأحداث فيها فساد الدّولة ، فولّ علينا من ترضاه ولا طاعة لك علينا ، والسّلام. «فكتب إليه الفضل بن روح» ، من الفضل بن روح إلى عبدويه بن الجارود ، أما بعد : فإن الله عز وجل يجرى قضاياه فيما أحب الناس أو كرهوا وليس اختيار واليا لو اخترته لكم أو اخترتموه بحائل دون شىء أراد الله عز وجل بلوغه فيكم ، وقد ولّيت عليكم عاملا فإن دفعتموه فهو آية النّكث منكم ، والسلام» وبعث عبد الله بن يزيد المهّلبى عاملا على تونس ، وضم إليه النضر بن حفص وأبا ... والجنيد بن سيّار.
فروى مسعدة بن أبى قديك قال : خرجت مع عبد الله بن محمد بشيعة حتى انتهينا إلى باب المدينة نصب روح اللّواء فاندقّت القناة ، فتطيّر الناس ، ومضى حتى إذا كان مرحلة من تونس تخيّر ابن الجارود عدّة من أصحابه منهم وصّاف ومنصور بن هميان فى جماعة وقال لهم : «اذهبوا حتى تعلموا ما قدم به هذا الرجل وتبعثوا إلىّ بخبره ، ولا تتعرضوا للحرب ما وجدتم سبيلا إلى العافّية» ، فلقوه بالزيتون الذى بالقرب من سبخة تونس فلقوه فقال ابن هميان لأصحابه : «قد علمتم أن الفضل كان يأخذ الرجل منكم فى الأمر الذى ليس عليه فيه مؤنة ، فيقطع يديه ورجليه ، فكيف وقد أخرجتم ابن أخيه وكاشفتموه ، والله ما بعث عاملة ومن بعث معه من القوّاد إلا ليتلطّف بكم لترجعوا عن رأيكم ، فإذا اطمأنت به الدّار مرّ عليكم فلا يبقى منكم أحدا» ، قال وصّاف : «فما رأيك» ، فكأنى انظر إلى ما