تريد ، وإن شئت أعلمتك به» قال : «فخبرنى» قال : «نكون على عدة ثم نلقى القوم كأنّا نسألهم عمّا جاءوا إليه حتى إذا غشيناهم صببنا عيلهم ، فإن أرادوا قتالنا كنّا قد شغلناهم عن كثير من ذلك ، وإن لم يقاتلوا أخذنا عبد الله والقواد الذين معه فصاروا رهائن بأيدينا ، فكنا المخيّرين على الفضل ، فإمّا أجاب إلى ما نحبّ وإما أخرجناه ومن معه وقاتلناهم إن أبوا الخروج فقال له منصور : «والله ما أخطأت ما أردت» فأجمع رأيهم على ذلك ، فأقبل عبد الله بن محمد حتى التقوا بالزيتون ، فلمّا قربوا منه حملوا عليه وعلى أصحابه ، فقتلوه عبد الله وأخذوا القوّاد أسارى ، فلمّا رجعوا إلى ابن الجارود ، فأخبروه بما صنعوا فقال لهم : «ما لهذا بعثتكم ، فأمّا إذ وقع فما رأيكم؟» فأشار بعض أصحابه بما عنده من الرأى ، وقال : «إنّه لم تسأل الفضل واليا ، وأنت تريد قتله قبل أن تعرف رأيه وأنت غائب عن قتل عبد الله ، فأقم وكاتبه ، فإنه يحثّه على موادعتك طلب العافيّة ... الولاية» ، فضحك محمد بن الفارسى فقال له عبدويه : «لم ضحكت ، كأنك لم ترض رأيه؟» ، قال : «أما هو فقد أجهد لك نفسه فى الرأى» قال : «فما ترى أنت؟» قال : «إذا والله أعطيتك الوجه الذى إن ارتكبته ظفرت وإن تركته نكبت» قال : «وما هو؟» قال : «اعلم أن الفضل لن يسلم لك صدره أبدا بعد إخراج ابن أخيه وقتل ابن عمه ، وليس اعتذارك للفضل أنك غبت عن قتل ابن عمّه بالذى يقيم لك العذر عنده ، ولا راحة لك فى سلمه ، وقد قيل فى أمثال كليلة ودمنة : إن الضرس المأكول الفاسد لا راحة لصاحبه دون قلعه ، وكذلك نحن وآل المهّلب ، لا راحة لنا فيهم إلّا بقتلهم أو إخراجهم بالمكائد والحيل» ، فقال له عبدويه : «فتولّ أنت تدبير الرأى ومكالمة الناس ، واكفنى ذلك وأنا أكفيك تدبير الحرب ـ إن شاء الله ـ» فجعل محمد بن الفارسى يكتب إلى كل رجل من وجوه القوّاد يوهمه أنهم يؤمّرونه عليهم وكان فى كتبه : «أما بعد» فإنا نظرنا إلى ما صنع الفضل فى ثغر أمير المؤمنين فى تهاونه بجنده ، واستئثاره عليهم بما لم تكن الولاة تصنعه قبله مع وعورة لفظه لهم وتركه لكتاب أمير المؤمنين فى أرزاقهم وسوء سيرته فيهم ، فيما عهد إليه ، ولم ينفعنا إلّا الخروج عليه لنخرجه عنا ، ونظرنا فلم نجد أحدا هو أولى بنصيحة أمير