ودخل إبراهيم بن الأغلب القيروان بعد أن قدم عمران بن مخالد ونادى ... ممن انتهب دارا أو كافأ أحدا على أمر ركبه فى دولة تمام.
وجاء إبراهيم بعد ذلك فدخل القيروان ، فبدأ بالمسجد فصلى ركعتين ثم طلع المنبر فخطب الناس وأخبرهم أن أميرهم محمد بن مقاتل. وكتب إليه يخبره بما فعل ، ويسأله الرجوع إلى القيروان. فأقبل راجعا حتى دخل ومن معه من أهل القيروان ، فلما صار بسوق اليهود ، وقد أشرف الناس عليه من دورهم نادته امرأة من جملة الناس : «اشكر إبراهيم ، فإنه الذى رد عليك ملكك بإفريقية!».
وأن تمام قال لخاصة من أصحابه ، منهم عيسى بن الجلودى وعباس الصليفى : «إن إبراهيم قد رد الثغر على العكى والذين مع العكى قد ملئوا رعبا من وقعاتنا بهم وقد بلغهم خروجى ، لقد أسلم العكى وساروا إلىّ ومع ذلك أنه حسود ، ومع ذلك أنه يخالف أمرهم فيما يشيرون به عليه ، فكاتب الناس فتسرع إليه منهم كثير ، فكان الرجل لا يزال يقوم فى الجماعة ، فيقول : قد كنا استرحنا من ابن العكى ، فجاء إبراهيم فغلب على الثغر ورده ، فالموت خير من الحياة فى سلطان بن العكى ، فنزع إلى تمام الناس ، فلما رأوا كثرة من معه ... نفسا بقتال ابن العكى ، وقال للناس : «إن إبراهيم لو أحيا لابن العكى أباه ما كان إلا متهما له».
وكتب تمام إلى محمد بن مقاتل العكى : «أما بعد ، فإن إبراهيم بن الأغلب لم يبعث إليك فيردك من كرامتك عليه ، ولا للطاعة التى يظهرها ، ولكنه كره أن يبلغك أحد البلاد فترجع إليه فإن منعك كان مخالفا ، وإن دفعها إليك كان كارها فى جعلها لغيره ، فبعث إليك لترجع ثم يسلّمك إلى القتل ، وغدا تعرف ما جربت من وقعتنا أمس.
«وفى آخره :»
وما كان إبراهيم من فضل طاعة |
|
يرد عليك الثغر إلا لتقتلا |
فلو كنت ذا عقل وعلم بكيده |
|
لما كنت منه يا بن عك لتقبلا |