الأغلب بن سالم وابنه إبراهيم إلى إفريقية غير أن زعيم الخوارج أبو حاتم تمكن من قتله وفر ابنه إبراهيم إلى منطقة الزاب ، وبدأ يمهد الأمر لنفسه.
وكانت الدولة العباسية تنظر إلى إفريقية على أنها بلد بعيد عن مركز الخلافة يعيش فيها جماعات متعددة متحاربة متعادية بعضهم سنة ، وبعضهم من الخوارج بشتى مذاهبهم ، وبعضهم عرب ، وبعضهم بربر ، فانتهى رأى المنصور إلى تقليد ولاية إفريقية لرجل من ذوى الكفاية وهو من بنى المهلب بن أبى صفرة القائد المعروف الذى حقق المنجزات والانتصارات العسكرية فى العصر الأموى ، هذا الوالى هو عمر بن حفص بن قبيصة بن المهلب ويكنى أبا جعفر والمعروف بهزار مرد يعنى ألف رجل أى يعادل ألف رجل فى ميدان الحرب وهذا مبالغ فيه (١).
ولما كان عمر بن حفص هذا لا يستطيع أن يثق بالقواد الخراسانيين المقيمين فى إفريقية ، ولا بالقبائل العربية المستوطنة هناك ، فقد جلب معه جيشا جديدا ، وبرغم تغلغل الجيش العباسى فى إفريقية فإن الخوارج ظلوا يحتفظون بسمعة طيبة وشعبية كبيرة من العرب والبربر أيضا مما جعل الجيش العباسى يرابط فى القلاع والحصون دون الاندماج بسكان إفريقية.
وفى عهده انفجرت ثورات الخوارج الإباضية بقيادة أبى حاتم يعقوب بن تميم الكندى وتمكنوا من الاستيلاء على القيروان ، أما فى طبنة كما يقول ابن عذارى فقد اتحد الخوارج الصفرية والإباضية على قتال الجيش العباسى تحت لواء أبى قرة الصفرى المغيلى الذى أعلن نفسه إماما وحاصروا القائد العباسى عمر بن حفص الذى استطاع أن يكسر حصارهم ويفر بحياته عائدا إلى القيروان ، ثم تفككت وحدة الخوارج الإباضية والصفرية ولم يتمكنوا من الاستيلاء عليها ، واستمرت القيروان للوالى العباسى (٢).
__________________
(١) انظر د. حسين مؤنس معالم تاريخ المغرب والأندلس ٥٥ ، وابن حزم جمهرة أنساب العرب ٣٧٠ ، والنويرى المصدر السابق ج ٢٤ ـ ٧٩.
(٢) انظر : النويرى المصدر السابق ج ٢٤ ، ٨١ ، والرقيق القيروانى المصدر السابق ١٤٣ ، وابن عذارى المصدر السابق ج ١ ـ ٨٨ ، وابن خلدون والعبر من ديوان المبتدأ والخبر ج ٤ ـ ١٩٣.