وهو ... طوعا فى الإسلام ، فلمّا أتى رسول حسان وقف بين يدى خالد فى زىّ سائل فلمّا رآه [ابن] يزيد علم أنه ... فكتب الله تعود إلى ، فلمّا أن خلا أخذ منه الكتاب وقرأه وكتب فى ظهره : إنّ البربر متفرقون ولا يتحدون (١) وإنما ابتلينا بأمر أراده الله عسى أن يكرم به من مضى منا بدرجة الشهادة (٢) ...
حتى خرجت الكاهنة ناشرة شعرها تضرب صدرها ، وتقول : «ويلكم مضى ملككم فيما يأكله الناس!» فافترقوا يمينا وشمالا يطلبون الرجّل ، فستره الله تعالى حتى وصل إلى حسان فكسر الخبزة فأصاب الكتاب الذى كتبه [ابن] يزيد قد أفسدته النار ... فقال له حسان : «راجع إليه» قال : «إنى أخاف الموت فإن الكاهنة لا يخفى عليها شىء من هذا قال [حسان] : أنا اخفيه لك فى مكان لا يجده أحد ثم عمد إلى قربوس سرجه ، فنقر فيه ، وأدخل الكتاب وسدّ عليه بشمع ، ومضى الرجل حتى أتى [ابن] يزيد ، فدخل إليه وعرفه أن الأول أحرقته النار فردّ جوابه ووضعه فى قربوس سرجه ومضى ، فخرجت الكاهنة ناشرة شعرها وهى تنادى : «ذهب ملككم فى شىء من نبات الأرض وهو بين فرجين» وكانت الكاهنة قد ملكت إفريقية خمس سنين منذ هزمت حسان ، فلما أبطأ العرب عنها قالت للبربر : «إن العرب إنما يطلبون من إفريقية المدائن والذهب والفضة ، ونحن إنّما نطلب منها المزارع والمراعى ، فما نرى لكم إلّا خراب إفريقية حتى ييأسوا منها ، ويقل طمعهم فيها» فوجهت قوما إلى ناحية يقطعون الشجر ، ويهدمون الحصون.
قال عبد الرحمن بن زياد بن أنعم : (٣) فكانت إفريقية من طرابلس إلى طنجة ظلا وقرى متصلة فأخربت جميع ذلك ، ورحل حسان إليها فلقيه من النّصارى فى طريقه
__________________
(١) إضافة من المطبوع.
(٢) بياض فى الأصل.
(٣) انظر ترجمته فى : معالم الإيمان ١ / ٢٨٩ ، الدرة المضيئة فى أخبار الدولة الفاطمية ٢٤ ، الحلل السندسية ج ١ ق ٣ / ٧٣١ ، ترتيب المدراك ١ / ٣١٦ ، رياض النفوس ١ / ١٤٤ ، المؤنس فى أخبار إفريقيا وتونس ٤٩.