وجوه أعدائه ، فانهزموا وأدرك لذريق فقتل بوادى الطين ، وركب آثارهم وكان الجبل وعرا فكان البربر أسرع منهم على أقدامهم ، فسبقوهم إلى خيلهم فركبوا خيولهم البربر ، ووضعوا فيهم السيف وأبادوهم ولم يرفعوا عنهم السيف ثلاثة أيام ولياليها ، فمكث جيفهم دهرا وبقيت عظامهم إلى حديث من الزمان. وأمر طارق فرسان المسلمين أن يسبقوهم إلى قرطبة ، فأتوها وقد وقف المسلمون حولها فقتلوهم ، فكانت قرطبة مدينة لذريق ... ثغر الأندلس.
ودخل طارق قرطبة فأصاب فيها من الدّر والياقوت والذهب والفضة ما لم يجتمع مثله قط وأصاب من الحرير ... والنساء والذرارى ما لا يحصى ولا يعد ، فكانت جملة السبى عشرة آلاف رأس وذلك سنة اثنين وتسعين.
وبلغ موسى بن نصير أن طارق بن زياد فتح الأندلس ودخلها فخاف أن يحظى بذلك عند الخليفة ، فغضب غضبا شديدا ، وكتب إليه يعنّفه : إذ دخلها بغير أمره ، وأمره أن لا يجاوز قرطبة ، وأمر موسى الناس بالرحيل ورحل معه وجوه العرب ، وكان مخرجه فى رجب سنة ثلاث وتسعين ، واستخلف على القيروان ابنه عبد الله بن موسى ، وكان أسنّ ولده ، وسار حتى إذا كان بطنجة عبر البحر منها إلى الخضراء ، وهى على مجاز الأندلس ، فكره طارق أن يخرج إليه من المدينة لكثرة العدو فوجّه إليه بالخفّ ، والحافر والهدايا والجوارى وغير ذلك.
ولما كان موسى بن نصير بطنجة قبل جوازه مال عياض بن عقبة إلى قلعة يقال لها «سقيوما» وكان فيها بقية قتلة عقبة ، ومال معه سليمان بن أبى المهاجر ، وسألا موسى أن يميل معهما فكره ذلك وقال : «هؤلاء قوم فى الطاعة» فأغلظا لهم الكلام حتى يرجع فقاتل أهل سقيوما قتالا شديدا حتى أخذوا لواء من ألوية العرب ، فكانوا يقاتلونهم به حتى تسور عليهم عياض بن عقبة من خلفهم فى قلعتهم ، فانهزم البربر واشتد القتل عليهم ... التى دخل عليهم منها عياض ، فمات القوم وبادرهم ... إلى اليوم. وذكر