فقال : دع هذا عنك ، فوالله لولا حسن صحبتك لقتلتك؟» (١).
وهذا الحديث معروف ، وفيه إرشاد إلى مراسم التقوى ومسالك الصلاح ، وبه يتبيّن الرشد من الغيّ وينكشف شدّة أمر ضيق الخلوص.
في دفع ما يتوهّم من كون صفوان بن يحيى جمّالاً
وربّما يتوهّم : كون صفوان بن يحيى جمّالاً أيضاً بملاحظة ما ذكره النجاشي من أنّه حكى أصاحبنا أنّ إنساناً كلّفه [حمل] دينارين إلى أهله إلى الكوفة ، فقال : إنّ جمالي مكراة وأنا أستأذن الاُجراء (٢).
وهو مدفوع : بأن صفوان بن يحيى لم يكن جمالاً كما صرّح به الشيخ في الفهرست (٣) ، والمقصود بما ذكره النجاشي أنّ صفوان بن يحيى قد اكترى واستأجر جمالاً من الجمّال ولم يكن الجمال من نفسه فلابد من الإستيذان من الجمّال لأنه اكترى جماله ، فلابدّ من الاستيذان ممن اكترى ، كما ينطبق عليه توهم كونه جمالاً ، ويشهد به أن الأجير من يأخذ الأجرة ، فهو المؤجر لا المستأجر.
قال في الصحاح : «الأجر : الثواب ... والأجرة : الكراء ...» (٤) ، فالأجراء الذين
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ٤٩٨/٨٢٨.
(٢) رجال النجاشي : ١٩٦ ، ترجمة ٥٢٤.
(٣) فهرست الشيخ : ٢٤١ ، ترجمة ٣٥٦ ، حيث قال : «وقال له بعض جيرانه من أهل الكوفة وهو بمكّة : يا أبا محمّد ، احمل لي إلى المنزل دينارين ، فقال له : إنّ جمالي مكراة حتّى استأمر فيه جمّالي».
(٤) صحاح الجوهري : ٢: ٥٧٦ ، مادّة «أجر» ، والمصنّف هنا اقتصر على مورد الحاجة من عبارته ، وإلّا فعبارته كالتالي : «الأجرُ : الثواب ، تقول : أجَرَهُ اللهُ يأجرُهُ ويأجُرُهُ أجْراً ، وكذلك أجَرَهُ اللهُ إيجاراً ، واُجِراَ فلانٌ خمسةٌ من وَلَدِهِ ، أي ماتوا فصاروا أجْرَهُ ، والأجرَةُ : الكِراءُ ، تقول : استأجرتُ الرجلَ فهو يأجُرُني ثماني حِجَجٍ ، أي يصير أجيري».