رابعها : فيما يمكن أن يكون حكمة اشتراط البروز والصعود.
إنّه يمكن أن يكون حكمة اشتراط البروز والصعود هي وقوع الزيارة في مكان خلوة خال عن الشواغل الموجبة لتفرق الخيال ، كما هو الحال في أكثر الأحوال والمانعة عن تمحيض القصد وفراغة البال ، كما يشرد إليه ما في زيارة أخرى رواها في «المصباح» مرسلاً عن عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام من قوله : «تحلل إزرارك ، ثمّ تحسر عن ذراعيك كهيئة أصحاب المصائب ، ثمّ تخرج إلى أرض مقفرة ، أو مكان لا يراك به أحد ، أو تعمد إلى منزل لك خال ، أو في خلوة ، حين يرتفع النهار فتصلّي أربع ركعات؟ إلى أن قال : ثمّ تسلّم وتحوّل وجهك نحو قبر الحسين عليه السلام» (١).
خامسها : في كلام من الشهيد في «الدروس».
أنه قد حكم الشهيد في «الدروس» باستحباب زيارة النبيّ صلى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام كلّ يوم جمعة ولو من البعد ، وإذا كان على مكان عالٍ كان أفضل (٢).
وحكم في ««البحار»» بأن ما ذكره من جواز الزيارة في أيّ مكانٍ تيسّر وإن لم يكن موضعاً عالياً لايخلو عن قوة ، تعليلاً بعمومات بعض الأخبار ، قال : «وإن كان الأفضل والأحوط إيقاعها في سطح دار عالٍ أو صحراء» (٣).
أقول : إنّه إن كان المقصود اقتضاء بعض الأخبار استحباب زيارة النبيّ صلى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام من دون اشتراط الصعود إلى سطح الدار والبروز إلى الصحراء ، وهذا هو المناسب لما ادّعاه الشهيد في «الدروس» ، ففيه بعد اعتبار سند الخبر المذكور
__________________
(١) مصباح المتهجّد : ٧٨٢.
(٢) الدروس : ٢: ١٦ ، باب المزار.
(٣) بحار الأنوار : ٩٨: ٣٧١ ، ذكر ذلك في ذيل الحديث ١٤ من باب زيارة الحسين عليه السلام وسائر الأئمّة عليهم السلام حيّهم وميّتهم من بعيد.