نشوؤه ومعاناته
رباه العالم الرباني السيّد الممجّد الشهشهاني قدس سره ، وهو من تلاميذ والده الشيخ محمّد إبراهيم الكلباسي ، وكان عنده حتى بلغ إلى حد الإشتغال ، وتمكن من تحصيل الكمال ، فاشتغل بتعليمه حتى توفي والده العلّامة ولم يكمل له خمس عشرة سنة ، ورأى حينئذ شدائد الأمور ، ومن جملتها الإبتلاء بضيق المعيشة ، واشتغل حينها عند السيّد الجليل السيّد حسن المدرس وكان يَصِفُ حسن أخلاقه ورشاقة مذاقه من كثرة التأمل ، وأنه كان يأمر بكثرة الفكر في المسائل والتدقيق ، وأنه سمع نصيحته في ذلك فابتلى بضعف القلب ووحشة في البال على وجه لا يوصف بالمقال.
قال في خاتمة البشارات يصف تلك الحال : «ولو وصفت لك انقطاع أسباب التحصيل عني واختلال أمري في أزمنة التحصيل ، وبلغت في الوصف ما بلغت ، لكان الموصوف به أزيد وأشد بمراتب شتى ، وقد أغمضت العين عما انتقل [إلي] من الوالد الماجد من جهة الاشتغال بالتحصيل إلى أن دَرَجَ دَرْجَ الرياح ، لكن الله سبحانه قد تفضل وتصدق علي من فضله وكرمه بعد ذلك سعة في المعيشة بأسباب خارقة للعادة»(١).
كثرة تفكره واهتمامه
كان أبو المعالي دائباً مفكراً في المطالب العلمية حتى عند الإشتغال بالأكل أو حتى في الحمام ، وكثيراً ما كان يأمر ولده بكتابة عبارة من موضع مطالعته ، سواء من عبارات نفسه أو سائر العلماء ويستصبحها في الحمام ، ويظل يفكر فيها (٢).
____________________
(١) و (٢) وقد ذكر رحمه الله في خاتمة هذا الكتاب كلاماً مفصّلاً في ذلك.