يحصى عددهم ، فاختاروا بين أن ابتليكم بالجوع ثلاث سنين أو أسلط عليهم العدو ثلاثة أشهر ، أو الموت ثلاثة أيام ، فشاور داود بني إسرائيل ، فقالوا : ما لنا بالجوع ثلاث سنين صبر ، ولا بالعدو ثلاثة أشهر ، فإن كان لا بدّ فالموت بيده لا بيد غيره ، فذكر وهب : مات منهم في ساعة من نهار ألوف كثيرة (١) ، لا يدرى ما عددهم فلما رأى ذلك داود ، شقّ عليه ما بلغه من كثرة الموت ، فتبتّل إلى الله فدعاه فقال : أي ربّ أنا آكل الحمّاض (٢) ، وبنو إسرائيل يضرسون ، أنا طلبت ذلك وأمرت به بني إسرائيل فما كان من شيء فبي ، واعف عن بني إسرائيل ، فاستجاب الله له ورفع عنهم الموت ، فرأى داود الملائكة سالّين سيوفهم (٣) ثم يغمدونها وهم يرفعون (٤) في سلّم من ذهب من الصخرة إلى السماء ، فقال داود : هذا مكان ينبغي أن نبني لله فيه مسجدا ونكرّمه ، فأسس داود قواعده وأراد أن يأخذ في بنائه ، فأوحى إليه إنّ هذا بيت مقدس ، وإنك قد صبغت يديك في الدماء ، فلست ببانيه ، ولكن ابنا لك أملّكه بعدك اسمه سليمان وأسلّمه من الدنيا فلما ملك سليمان بناه وشرّفه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم ، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، وأخبرنا أبو المعالي الحسين بن حمزة ، أنا أبو السرايا نجيب بن عمار بن أحمد الغنوي ، قالا : أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا خيثمة بن سليمان ، أنا الحسن بن مكرم ، نا عبد الله بن بكر السهمي ، نا عبّاد بن شيبة ، قال : بلغني أن داود النبي صلىاللهعليهوسلم خلا يوما فقال : يا رب هجرني الناس فيك وهجرتهم لك ، فأوحى الله إلى نبيه عليهالسلام ألا أدلك على شيء يستوي فيه وجوه الناس إليك؟ أن تخالط الناس بأخلاقهم ، وتحتجز الإيمان فيما بيني وبينك.
أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله العمري ، أنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أحمد بن أبي شريح ، أنا [أبو](٥) جعفر محمّد بن أحمد بن عبد الجبار الرّذاني (٦) ، نا حميد بن زنجويه النسوي ، نا عبيد الله بن موسى ، نا
__________________
(١) الطبري : ألوف كبيرة.
(٢) الحمّاض : ما في جوف الأترجة.
(٣) مطموسة بالأصل ، والمثبت عن الطبري.
(٤) غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن م ، وانظر مختصر ابن منظور ٨ / ١١٧ وفي الطبري : يرتقون.
(٥) زيادة لازمة سقطت من الأصل وفي م : أخبرنا انظر ما يلي.
(٦) بالأصل وم «الرداني» بالدال المهملة ، والمثبت والضبط عن الأنساب ، وذكره السمعاني وترجم له.