ثم قال عبد الله بن طاهر لضبّي : فعلى من بقي هذا ، ويحك يا ضبي ما أحسبه إلّا كما قلت فبقيت من حفظه لهذه الأشياء متعجبا.
قال : فلقيت دعبلا بعد ذلك فخفت أن أذكر له شيئا فضحكت فقال لي : ويلي عليك قد تحاماني الناس وأنا عندك موضع مطنزة وسخرية ، قلت : لا ولكني إنما ضحكت استبشارا بالنظر إليك ، قال : ثم لقيته من بعد فضحكت فقال : ويلك أنت على ذاك الذي عهدت فالتفت إلي غلامه نفنف فقال : خذ برجله ابن كذى وكذا قال : قلت : يا أبا علي إن هجرتني وصلتك وإن وصلتني وددتك وإن جفوتني زرتك ولا سبيل إلى إخبارك بهذا الذي أنا فيه ، فلم يزل كذلك حينا حتى توفي عبد الله بن طاهر.
قال : فلقيت دعبلا يوما بكرخ بغداد فضحكت ، فقال : ليس لضحكك هذا آخر يا ابن الفاعلة ، قال : فقلت له : امض بنا فقد فرج الله عني وعنك ، فذهبت به إلى منزلي فطعمنا وأخبرته الخبر على جهته ، فقال : ويلي على ابن العوراء الفاعلة ، والله لو أعلمتني قبل وفاته لأعلمتك كيف كانت تكون حاله ، قال : قلت : هو والله كان أبصر منك ، وأعرف بك إذ أخذ عليّ في أمرك ما أخذ ، ثم أمسك متعجبا.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد ، قال : ثنا وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أنبأ أبو بكر الخطيب (١) ، أخبرني عبيد الله بن [أبي](٢) الفتح ، أنا محمّد بن العباس الخزّاز ، نا محمّد بن خلف بن المرزبان المحولي ، حدّثني إسحاق بن محمّد بن أبان ، قال : كنت قاعدا مع دعبل بن علي بالبصرة ، وعلى رأسه غلام يقال له نفنف فمر به أعرابي يرفل في ثياب خزّ فقال لغلامه : ادع هذا الأعرابي إلينا ، فأومأ الغلام إليه فجاء ، فقال له دعبل : ممن الرجل؟ فقال : رجل من بني كلاب ، قال : من أي بني كلاب؟ قال : من ولد أبي بكر ، قال : أتعرف الذي يقول (٣) :
ونبّئت كلبا من كلاب يسبّني |
|
ومحض كلاب يقطع الصّلوات |
فإن أنا لم أعلم كلابا بأنها |
|
كلاب ، وأني باسل النقمات |
__________________
(١) الخبر في تاريخ بغداد ٨ / ٣٨٣ والأغاني ٢٠ / ١٤٢ ـ ١٤٣ وبغية الطلب ٧ / ٣٤٩٩ ـ ٣٥٠٠.
(٢) الزيادة عن تاريخ بغداد.
(٣) ديوان دعبل ص ١٥٤ وتاريخ بغداد وبغية الطلب.