عمر بن حيّوية الخزاز ، نا أبو مزاحم موسى بن عبيد الله بن خاقان ، قال : قال الحارث ـ يعني ابن أبي أسامة ـ وأنشدني ـ يعني محمّد بن يحيى ـ لدعبل ـ يعني ابن علي ـ (١) :
شهدت الزطاطي (٢) في مجلس |
|
وقد كان عندي بغيضا مقيتا |
فقال : اقترح بعض ما تشتهي |
|
فقلت : اقترحت عليك السكوتا |
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش ـ فيما قرأ علي إسناده ، وناولني إياه ، وقال اروه عني ـ أنبأ محمّد بن الحسن ، أنبأ أبو الفرج المعافا بن زكريا القاضي (٣) ، نا محمّد بن يحيى ، حدّثني عون بن محمّد ، قال : لما هجا دعبل المطّلب بن عبد الله بن مالك الخزاعي فقال (٤) :
اضرب ندى طلحة الطلحات متئدا |
|
ببخل (٥) مطّلب فينا وكن حكما |
تخرج خزاعة من لؤم ومن كرم |
|
فلا تعدّلها لؤما : ولا كرما |
ويروى : «تسلم خزاعة» فدعاه بعد ذلك المطّلب ، فلما دخل عليه قال : والله لأقتلنك لهجائك لي ، فقال له : فأشبعني إذا ولا تقتلني جائعا ، فقال : قبحك الله هذا أهجا من الأول ، ثم وصله فحلف أنه يمدحه ما عاش فقال فيه (٦) :
سألت الندى لا عدمت الندى |
|
وقد كان منا زمانا عزب |
فقلت له ؛ طال عهد اللقاء |
|
فهل غبت بالله أم لم تغب |
فقال : بلى ، لم أزل غائبا |
|
ولكن قدمت مع المطلب |
قال القاضي : وفي هذا الخبر ما دلّ [على](٧) دهاء دعبل ولطف حيلته ، وأنبأ عن ذكاء المطّلب ودقة فطنته ، وقد روي مثل هذا عن معن بن زائدة ، وأتي بجماعة قد عاثوا في عمله فأمر بقتلهم ، فقال له أحدهم : أعيذك بالله أن تقتلنا عطاشا ، فأمر بإحضار ماء
__________________
(١) ديوانه ص ٣٢٧ وانظر تخريجهما فيه.
(٢) الديوان : الرقاشي.
(٣) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٣ / ١٥٤ ـ ١٥٥ ونقله عن المعافى ابن العديم في بغية الطلب ٧ / ٣٥٢٣ ـ ٣٥٢٤ وكتب محققه بالهامش أنه «ليس في المطبوع من الجليس الصالح».
(٤) البيتان في مصدري الخبر ، وفي الأغاني ٢٠ / ١٥٢ و ١٦١ وديوانه ص ٢٧٨.
(٥) الديوان والأغاني : بلؤم.
(٦) الأبيات في ديوانه ص ١٢١ وبغية الطلب ٧ / ٣٥٢٤.
(٧) زيادة عن الجليس الصالح.