قال : وإلام تدعو أيضا؟ قال : فتلا عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) إلى قوله : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) قال : وإلام تدعو أيضا؟ قال : فتلا عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ، وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
فقال مفروق بن عمرو : دعوت إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ولقد أفك (١) قوم ظاهروا عليك وكذّبوك وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هاني بن قبيصة فقال : وهذا هانئ بن قبيصة ، فقال : يا أخا قريش قد سمعت مقالتك وإنا لنرى تركنا ديننا واتبعناك على دينك لمجلس جلسته منا لم ننظر فيه في أمرك ولم نتثبت في عاقبة ما تدعونا إليه زلة في الرأي وإعجالا في النظر ، والزلة تكون مع العجلة ، ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقدا ولكن ترجع ونرجع وتنظر وننظر ، وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى (٢).
فقال : يا أخا قريش قد سمعت مقالتك فأما الجواب في تركنا ديننا واتبعناك على دينك فهو جواب هانئ بن قبيصة ، وأما أن نؤويك وننصرك فإنا نزلنا بين صريين (٣) بين اليمامة والسمامة (٤) ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وما هذان الصريان؟» قال : مياه العرب وأنهار كسرى فأما ما كان مما يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور وعذره مقبول ، وأما ما كان مما يلي أنهار كسرى أن لا نحدث (٥) حدثا ولا نؤوي محدثا ، ولسنا بأمر أن يكون هذا الأمر الذي تدعونا إليه مما تكرهه الملوك فإن أحببت أن نؤويك مما يلي مياه العرب أويناك ونصرناك فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أسأتم في الردّ إنما فصحتم بالصدق وليس يقوم بدين الله إلّا من حاطه من جميع جوانبه ، أرأيتم إن لم تلبثوا إلّا يسيرا حتى يمنحكم الله أموالهم ويورثكم ديارهم ويفرشكم نساءهم أتسبّحون الله وتقدّسونه؟».
فقال النعمان بن شريك : اللهم لك ذلك ، قال : فتلا عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم (إِنَّا
__________________
(١) أفك : كذب.
(٢) بعدها في م : فقال : وهذا المثنى بن حارثة وهو شيخنا وكبيرنا وصاحب حزبنا (كذا) فتكلم المثنى.
(٣) كذا ، وفي أبي نعيم : صيرين.
(٤) كذا هنا ، وفي البداية والنهاية : السماوة وفي م : السيامة.
(٥) الأصل : «يحدث» والمثبت عن دلائل أبي نعيم وم.