إذا المرء لم يدنس من اللّؤم عرضه |
|
فكلّ رداء يرتديه جميل |
فإن هو لم يدنس من اللّوم نفسه |
|
فليس إلى حسن الثناء سبيل |
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمّد بن عبد الواحد ، أنبأ الأمير أبو محمّد الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله ، نا أبو العباس أحمد بن منصور اليشكري ، نا ابن الأنباري ، حدّثني أبي ، نا أحمد ـ يعني ابن عبيد ـ عن أبي عبيدة قال : ابتنى رجل من بني مخزوم وكان ينزل ضاحية بني تميم فوافى دكين الراجز ، فقال للبواب : إني ألاع إلى السخن فأدخلني ، فأبى البواب أن يدخله ، فوقف دكين على دكان وقد انصرف بعض القوم وأنشأ يقول :
اجتمع الناس وقالوا عرس |
|
إذا قصاع كالأكفّ خمس |
زلجلجات (١) قد جمعن ملس |
|
ففقئت عين وفاضت نفس |
فقال له البواب : من أنت لا حياك الله؟ قال : أنا دكين الراجز ، فأدخله.
قال أبو بكر بن الأنباري تفسير هذا : قال لي : أي قال أحمد بن عبيد : ألاع : معناه أتوقد حرصا عليه ، ويحترق فؤادي طلبا له ، قال : والزلجلجات : التي تحرك وتذهب ويجاء بها ، لا تقر في موضع واحد.
قال : وجرى بين الأصمعي وأبي عبيدة في هذا البيت : «وفاضت نفس» تشاجر ومنازعة ، فقال الأصمعي : العرب لا تقول فاظت نفسه ، ولا فاضت نفسه ، وإنما يقولون : فاض الرجل إذا مات ، قال : وكان يرويه : «وطّن الضرس» (٢).
وقال أبو عبيدة : كذب الباهلي ـ يعني الأصمعي ـ ما هو إلّا : فاضت نفس.
قال أبو بكر : وقال أصحابنا الكسائي والفراء ومن نقل عنهما يقال : فاضت نفس ، وفاظت نفس ، وفاض الميت نفسه ، وأفاضه الله نفسه (٣).
__________________
(١) مختصر ابن منظور ٨ / ٢٠٦ زبحلحات ... وفاظت نفس وفي اللسان : زلحلحات ، بحاءين ، واحدتها زلحلحة وهي القصعة المنبسطة التي لا قعر لها.
(٢) بالأصل : «وظن الضرس ، والمثبت عن اللسان «فيض» وفي م : وجلس العرتين.
(٣) انظر بحثا قيما في اللسان «فيض» أتى فيه على مختلف الأقوال في «فاض» و «فاظ».