من ضوأها مسيرة الشمس أربعون يوما ، يكون مثل الدنيا عامرها ، وغامرها ضعفا ليس فيها موضع شبر إلّا وملك ساجد لم يرفع رأسه منذ خلقه الله عزوجل ، ولا يرفعه إلى يوم القيامة. فإذا كان يوم القيامة رفعوا رءوسهم ، فقالوا : ربنا لم نعبدك حق عبادتك قال : فما خلف أولئك؟ قال : ملائكة يضعفون على هؤلاء أربعين ضعفا ، طول كل ملك منهم ما بين سبع سماوات إلى سبع أرضين ، ليس في جسده موضع ظفر ابن آدم إلّا وفيه لسان ناطق يحمد الله عزوجل ويقدسه ، قال : فما خلف أولئك؟ قال : ملك قد أحاط بجميع ما ذكرت لك ، لو أذن الله تبارك وتعالى له بجميع ما ذكر في ذلك ، وما في سبع سماوات وسبع أرضين ما خلا العرش والكرسي لالتقمهم في لقمة واحدة. قال : فما خلف ذلك؟ قال : انقطع علمي وعلم كل عالم ، وكل ملك ، ليس وراء ذلك إلّا الله جل وعز وسلطانه وبهاؤه.
وفي حديث إبراهيم الذي رواه عن أبي أمامة فقال له : أخبرك أن هذا الجبل يحيط بالماء كله وليس خلف هذا الجبل أحد من الخلائق إلّا الظلمة والملائكة الذين يحملون الكرسي ، وخلف ذلك سبعون حجابا من ثلج. غلظ كل حجاب خمسمائة سنة ، وخلف ذلك الملائكة الذين يحملون العرش وقوائم العرش على ظهورهم ورقابهم ، وغلظ كل ملك وطول قامته كطول أيام العالم وكطول السموات السبع والأرضين السبع ، ولو لا ما جعل الله بين هؤلاء وهؤلاء من الحجاب احترقت الملائكة الأربعة الذين يحملون الكرسي من نور الملائكة الذين يحملون العرش ، وإني أخبرك أن الله جل وعز ربي وربك أيها الإنسان جعل بيني وبين الملائكة الذين يحملون العرش هذا الجبل ولو لا هذا الجبل لاحترقت من نورهم ، وبيني وبينهم كعدد أيام العالم ، وبيني وبينهم سبعون حجابا من الظلمة والثلج وأنّ ذا القرنين سأله : ما لك قابض على هذا الجبل ، قال : إن الله عزوجل خلق الأرض وكان عرشه على الماء وخلق السماء.
أنبأنا أبو الفضائل الكلابي ، وأبو تراب الأنصاري ، قالا : نا أبو بكر الخطيب ، أنبأ محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنبأ عثمان بن أحمد الدقاق ، وأحمد بن سندي الحداد ، قالا : نا الحسن بن علي ، أنا إسماعيل بن عيسى ، أنبأ إسحاق بن بشر ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن : أن ذا القرنين لما سدّ الرّدم على يأجوج ومأجوج سار يريد ما وراء المشرق والمغرب ، فسار حتى بلغ ظلمة عجز أصحابه عن المسير ،