محمّد بن أيوب ، نا إبراهيم بن سعد ، عن محمّد بن إسحاق ، عن وهب بن منبّه : أن ذا القرنين قال لبعض الأمم : ما بال كلمتكم واحدة وطريقتكم مستقيمة؟ قالوا : من قبل أنّا لا نتخادع ولا يغتاب بعضنا بعضا.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنبأ رشأ بن نظيف ، أنبأ الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا أحمد بن عبدان الأزدي ، نا عبد المنعم ، عن أبيه ، عن وهب بن منبّه : أن ذا القرنين أتى مغرب الشمس ، فرأى قوما لا يعملون عملا ، وإذا منازلهم ليس لها أبواب وليس لهم حكام ولا قضاة ، فاجتمعوا إليه فقال لهم : قد رأيت منكم عجبا ، قالوا : وما رأيت من العجب؟ قال : أرى قبوركم على باب منازلكم ، قالوا : كي لا ننسى الموت ، قال : فما لي أرى بيادركم واحدة؟ قالوا : نتقاسم بالسوية ، فنعطي من زرع ومن لم يزرع قال : فما لي أرى بيوتكم ليس لها أبواب؟ قالوا : ليس فينا متّهم ، قال : فما لي أرى الحيات والعقارب تدور فيما بينكم ولا تضرّكم؟ قالوا : نزع الله من قلوبنا الغش والحناث ، فنزع منها السموم ، قال : فما لي لا أرى فيكم حكّاما؟ قالوا : ليس فينا من يظلم صاحبه ، قال : فما لي أراكم أطول الناس أعمارا؟ [قالوا :] وصلنا أرحامنا ، فطوّل الله عزوجل أعمارنا.
قال : ونا أحمد بن مروان ، نا محمّد بن عبد العزيز ـ يعني الدّينوري ـ ، نا أبي المحاربي ، عن بكر بن خنيس ، عن شعيب بن سليمان ، قال : أتى ذو القرنين مغيب [الشمس](١) فرأى ملكا من الملائكة كأنه يترجّح في أرجوحة من خوف الله عزوجل فهاله ذلك فقال له : علّمني علما لعلي أزداد إيمانا ، فقال : إنّك لا تطيق ذلك ، فقال : لعل الله عزوجل أن يطوّقني لذلك ، فقال له الملك : لا تغتمّ لغد واعمل في اليوم لغد وإذا أتاك الله من الدنيا سلطانا فلا تفرح به ، وإن صرف عنك فلا تأس عليه ، وكن حسن الظن بالله ، وضع يدك على قلبك ، فما أحببت أن تصنع بنفسك فاصنع بأخيك ، ولا تغضب فإن الشيطان أقدر ما يكون على ابن آدم حين يغضب ، فردّ الغضب بالكظم ، وسكّنه بالتؤدة ، وإياك والعجلة ، فإنك إذا عجّلت أخطأت ، وكن سهلا لينا للقريب والبعيد ، ولا تكن جبارا عنيدا.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا عبد الوهاب بن محمّد بن إسحاق ، أنا
__________________
(١) زيادة عن م للإيضاح.