رجل كان يصلّي كل يوم مائة صلاة فتوفي ، فكفل بصلاته فلذلك سمّي ذا الكفل (١).
أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد ، نا أبو بكر أحمد بن علي ، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنبأ أحمد بن سندي ، حدّثنا الحسن بن علي ، نا إسماعيل ، أنبأ إسحاق بن بشر ، أنبأ أبو إلياس ، عن وهب بن منبّه ، قال : كانت قبل إلياس وقبل داود أحداث وأمور في بني إسرائيل وأنبياء منهم أليسع صاحب إلياس وذو الكفل ، وكان عيلون مستخلفا خلافة نبوة ، ولم تكن له نبوة ، غير أن بني إسرائيل كانوا يسمون خليفة النبي نبيا وكان فيهم من جمع التوراة يسمونهم أنبياء ، ومنهم من كان نبيا في منامه ، وكان إسمويل (٢) بعده ، وكان ذو الكفل يكتب الكفالات على الله بالوفاء لمن آمن به. فكان من شأنه أنهم كانوا ثلاثة إخوة عبّاد تواخوا في الله حين عظمت الأحداث في بني إسرائيل ، فخرجوا عنهم واعتزلوهم وتعبّدوا في موضع لا يعرفون ، حتى إذا اشتد البلاء في بني إسرائيل وكادوا (٣) أن يتفانوا ، وضيّعت فيهم الأحكام والسّنن والشرائع ، فلما أن خاف القوم الهلاك طلبوا الثلاثة ليملّكوا أحدهم على أنفسهم ليقيم فيهم الحدود والأحكام ويجمع ألفتهم ، قال : فقدروا عليهم ، فخيّروهم بين القتل وبين أن يكون أحدهم عليهم ، فاختاروا القتل وكان أصغرهم أعبدهم وأشدّهم اجتهادا ، فقال اثنان منهم للثالث وهو أصغرهم سنا : أنت أحدثنا سنا وأقوانا ، فهل لك أن تحتسب بنفسك عليهم فتقيم لهم أحكامهم وشرائعهم؟ فقال : أفعل بشرط أن لا تقرباني ولا تنظرا إليّ ، ولا أنظر إليكما حتى يبلغكما أني عدلت عن الحق ، فقالا : نعم.
فمضى مع القوم فتوّجوه وأقعدوه (٤) على سرير الملك فأقام فيهم الحق وأحيا فيهم السّنن ، وحسنت حال بني إسرائيل واغتبطوا به ، فجاءه الشيطان من قبل النساء ، فلم يزل حتى واقع النساء ، ثم أتاه من قبل الشراب فلم يزل به حتى خالط الناس في الشراب ، ولم يزل به حتى ركب المعاصي وضيّع الحدود ، وانتهك المحارم ، وخالط الدماء فبلغ أخويه فجاءا حتى دخلا عليه ، فأمر بهما فحبسا ، فلما أمسى دعا بهما ، فقالا له : أي عدوّ الله غررتنا بدينك ، وطلبت الدنيا بعمل الآخرة ، فقال لهما : فدعاني عنكما ، فقد ارتكبت ما
__________________
(١) انظر البداية والنهاية ١ / ٢٦٠ ـ ٢٦١.
(٢) في مختصر ابن منظور : أشموئيل.
(٣) بالأصل : «وكانوا» والصواب عن المختصر وم.
(٤) بالأصل : «فعدوه» والصواب عن المختصر وم.