الله علينا الصبر ، وأعزّ لنا ولكم النصر ، وكان لنا ولكم وليا وناصرا ، وحافظا في كل أمر ، وأستغفر الله لي ولكم.
قال : وثنا إبراهيم بن الحسين ، نا يحيى ـ هو ـ ابن سليمان ، نا نصر ـ هو ـ ابن مزاحم (١) ، نا عمر (٢) بن سعد ، عن عبد الرّحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي ، وذكر أهل صفّين ، فقال : كانوا عربا يعرف بعضهم بعضا في الجاهلية والتقوا في الإسلام ، معهم تلك الحمية ونية الإسلام ، فتصابروا واستحيوا من الفرار ، وكانوا إذا تحاجزوا دخل هؤلاء في عسكر هؤلاء وهؤلاء في عسكر هؤلاء ، فيستخرجون قتلاهم فيدفنونهم ، فلما أصبحوا يوما ـ وذلك يوم الثلاثاء ـ خرج الناس إلى مصافّهم فقال أبو نوح الحميري : وكنت في خيل عليّ ، فبينا أنا واقف إذ نادى رجل من أهل الشام : من دلّني على أبي نوح الحميري؟ قال أبو نوح : فقلت : أيهم تريد؟ فقال : الكلاعي ، فقلت : قد وجدته ، فمن أنت؟ قال : أنا ذو الكلاع فسر إليّ ، قال أبو نوح : فقلت : معاذ الله أن أسير إليك إلّا في كتيبة ، فقال : سر فلك ذمة الله وذمة رسوله ، وذمة ذي الكلاع حتى ترجع ، فإنما أريد أن أسألك عن أمر فيكم ، فسار إليه أبو نوح وسار إليه ذو الكلاع حتى التقيا فقال له ذو الكلاع : إنما دعوتك أحدثك حديثا حدّثناه عمرو بن العاص في إمارة عمر ؛ فقال أبو نوح : وما هو؟ فقال ذو الكلاع : حدّثنا عمرو بن العاص أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم [قال :] يلتقي أهل الشام وأهل العراق ، في إحدى الكتيبتين الحق ـ أو قال الهدى ـ ومعها عمار بن ياسر ، فقال أبو نوح : نعم والله إن عمارا لمعنا وفينا ، فقال : أجادّ هو على قتالنا؟ فقال أبو نوح : نعم ورب الكعبة ، لهو أجدّ على قتالكم مني ، ولوددت أنكم خلق واحد فذبحته.
أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن محمّد بن علي السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، نا خليفة بن خيّاط ، قال : قال أبو عبيدة ، وكان على أهل حمص الميمنة ذو الكلاع ـ يعني بصفّين ـ مع معاوية (٣).
أخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمّد ، أنبأ محمّد بن الحسن بن أحمد ، أنبأ أبو
__________________
(١) الخبر في وقعة صفّين ص ٣٣٢ ـ ٣٣٣.
(٢) في وقعة صفّين : نصر : عمر ، حدثني صديق أبي ، عن الافريقي ابن أنعم قال :.
(٣) تاريخ خليفة بن خياط ص ١٩٥.