أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، قال : سمعت أبا محمّد عبد الله بن يوسف الأصبهاني يقول : سمعت أبا بكر الوراق يقول : سمعت يوسف بن الحسين يقول : سمعت ذا النون المصري يقول : ليس العجب ممن ابتلي فصبر ، وإنما العجب ممن ابتلي فرضي.
قال : وأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا الحسن بن محمّد بن إسحاق ، قال : سمعت سعيد بن عثمان الخيّاط يقول : سمعت ذا النون يقول : إذا لم يكن في عملك حبّ حمد المخلوقين ولا مخافة ذمهم ، فأنت حكيم مخلص إن شاء الله.
قال : وسمعت ذا النون يقول : اعلموا أنه لا يصفو لعامل عمل إلّا بإخراج الخلق من القلب في عمله وهو الإخلاص ، فمن أخلص لله لم يرج غير الله ، فكن على علم أنه لا قبول لعمل يراد به غير الله ، فمن أراد طريق تجريد إلى الإخلاص فلا يدخلوا في إرادته أحد سوى الله عزوجل ، فشمر عن ساقط ، واحذر حذر الرجل أن تدخل في العظمة لله تعظيم غير الله ، واجعل الغالب على قلبك ذلك وقد صفا قلبك بالإخلاص.
قال : وسمعت ذا النون يقول : قال بعض العلماء : ما أخلص العبد لله إلّا أحب أن يكون في حبّ لا يعرف (١).
قال : وسمعت أبا الفيض يقول : إن من أراد أن يلقى العدو بغير سلاح خفت أن لا تسلم من القتل.
قال : سمعت ذا النون يقول : عبدوا الله بالخالص من الصدق فأوصل إليهم خالصا من البر.
قال : وسمعت ذا النون يقول : وأتاه رجل فقال له رجل : يا أبا الفيض رحمك الله دلني على طريق الصدق المعرفة بالله ، فقال : يا أخي أدّ إلى الله صدق حالتك التي أنت عليها على موافقة الكتاب والسنّة ، ولا ترق حيث لم ترق فتزل قدمك ، فإنه إذا زال لم تسقط وإذا ارتقيت أنت سقطت ، وإياك أن تترك ما تراه يقينا لما ترجوه شكا.
قال : وسمعت ذا النون يقول : وسئل متى يجوز للرجل أن يقول أراني الله كذا وكذا ، قال : إذا لم يطق نطق ذلك. ثم قال ذو النون : أكثر الناس إشارة إلى الله في
__________________
(١) حلية الأولياء ٩ / ٣٦٦.