متى يكون العبد مفوضا؟ قال : إذا آيس من نفسه وفعله والتجأ إلى الله في جميع أحواله ولم تكن له علاقة سوى ربه.
أخبرنا أبو القاسم الشحامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا بكر محمّد بن عبد الله الواعظ يقول : سمعت يوسف بن الحسين يقول : قال لي ذو النون : عليك بصحبة من تسلم منه في ظاهر الغيب كسلامتك منه في المشاهدة.
قال : أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب إملاء ، أنا أبو عمر الحسن بن عثمان الواعظ ، أنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، نا العباس بن يوسف الشكلي ، حدّثني سعيد بن زيد المدني ، قال : قال عبد الباري : سألت ذا النون رحمهالله قال : قلت : يا أبا الفيض أصيّر الموقف بالمشعر ولم يصيّر بالحرم؟ فقال لي : ويحك الكعبة بيت الله والحرم حجابه ، والموقف بابها ؛ فلما قصده الوافدون أوقفهم بالباب يتضرعون ، فلما أذن لهم بالدخول أوقفهم بالحجاب الثاني ، وهو المزدلفة ، فلما نظر إلى طول تضرعهم له أمرهم بتقريب قربانهم ، حتى إذا قرّبوا قربانهم وقضوا تفثهم وتطهّروا من الذنوب التي كانت لهم حجابا دونه أمرهم بالزيارة على طهارة ، قلت : يا أبا الفيض فلم كرّه الصوم أيام التشريق؟ فقال : ويحك القوم في ضيافة الله ، فلا ينبغي للرجل أن يصوم عند من ضاف به ، قلت : يا أبا الفيض فما بال القوم يتعلقون بأستار الكعبة؟ فقال لي : ويحك مثل ذلك كمثل رجل له على رجل دين ، فهو يتعلق بثوبه ويخضع له رجاء أن يهب له ذلك الدّين.
أخبرنا أبو سعيد محمّد بن إبراهيم بن أحمد الغزي ، أنبأ أبو بكر محمّد بن إسماعيل بن السري بن بنون ، أنا أبو عبد الرّحمن ، قال : سمعت أحمد بن علي بن جعفر يقول : سمعت فارس يقول : سمعت يوسف بن الحسين يقول : سمعت ذا النون يقول : ما خلع الله عزوجل على عبد من عبيده خلعة أحسن من العقل ، ولا قلّده قلادة أجمل من العلم ، ولا زيّنه بزينة أفضل من الحلم ، وكمال ذلك التقوى.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأ أحمد بن الحسين ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأ الحسن بن محمّد بن إسحاق ، قال : سمعت أبا عثمان سعيد بن عثمان الخيّاط يقول : سمعت ذا النون يقول : من نظر في عيوب الناس عمي عن عيوب نفسه ، ومن عني بالنار والفردوس شغل عن القال والقيل ، ومن هرب من الناس سلم من