الصوفية ومعهم من يقول ، فاستأذنوه أن يقول شيئا عنده ، فقال : نعم ، فابتدأ القوال :
صغير هواك عذبني |
|
فكيف به إذا احتنكا |
وأنت جمعت من قلبي |
|
هوى قد كان مشتركا |
أما ترثي (١) لمكتئب |
|
إذا ضحك الخليّ بكا؟ |
فقام ذو النون قائما ، ثم سقط على وجهه ، فرأى الدم يجري منه ولا يسقط إلى الأرض منه شيء ، ثم قام بعده رجل ممن كان حاضرا في المجلس يتواجد ، فقال له ذو النون : الذي يراك حين تقوم ، فجلس الرجل.
أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل ، أنا أبو بكر المزكي ، نا أبو عبد الرّحمن السّلمي ، قال : سمعت عبد الواحد بن بكر يقول : سمعت أحمد بن مقاتل البغدادي يقول : لما دخل ذو النون بغداد دخل عليه صوفية بغداد ومعهم قوّال فقالوا : بادر له حتى يقول ، قال : نعم ، فقال القوّال :
صغير هواك عذّبني |
|
فكيف به إذا احتنكا |
وأنت جمعت من روحي |
|
هوى قد كان مشتركا |
أما ترثي لمكتئب |
|
إذا ضحك الخلّي بكا؟ |
قال : فقام ذو النون وتواجد وطال تواجده ثم قعد ، فقام رجل آخر يتواجد فقال له ذو النون الذي يراك حين تقوم ، فقعد الرجل.
وقال ذو النون : من كان في توحيده ناظرا إلى نفسه لم ينجه توحيده من النار.
أنبأنا أبو عبد الله البلخي ، أنا أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن محمّد بن يوسف ، قال : قرأت على أبي الحسن محمّد بن علي بن صخر في كتابه لذي النون المصري :
خلا من الذكر قلبه فقسا |
|
كالعود طال الظمأ به فعشا |
عساه اما بكا واعول أن |
|
يدرك ما فاته عسا وعسا |
عساه يلقى النعيم إن نعمت |
|
عيناه لما توسط الغلسا |
__________________
(١) عن تاريخ بغداد ورسمها بالأصل : ترقى.