من عند من علق الفؤاد بحبّه |
|
وشكا إليه بخاطر مشتاق |
يبغي إليه من الوسائل قربة |
|
فيها الشفا لوامق توّاق |
أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأ أبو نعيم الحافظ (١) ، نا عثمان بن محمّد العثماني ، حدّثني علي بن عبد الله بن سويد ، نا محمّد بن حمدان (٢) بن الصباح ، نا أبو بكر محمّد بن خلف المؤدب ـ وكان من خيار عباد الله ـ قال : رأيت ذا النون المصري على ساحل البحر عند صخرة موسى ، فلما جنّ الليل خرج فنظر إلى السماء والماء فقال : سبحان الله ما أعظم شأنكما ، بل شأن خالقكما أعظم منكما ومن شأنكما ، فلما تهور الليل لم يزل ينشد هذين البيتين إلى أن طلع عمود الصبح :
اطلبوا لأنفسكم |
|
مثل ما وجدت أنا |
قد وجدت لي سكنا |
|
ليس (٣) في هواه عنا |
إن بعدت قرّبني |
|
أو قريب (٤) منه دنا |
قال وأنا أبو نعيم ، قال (٥) : أنشدنا عثمان بن محمّد العثماني ، أنشدني العباس بن أحمد لذي النون :
إذا ارتحل الكرام إليك يوما |
|
ليلتمسوك حالا بعد حال |
فإنّ رحالنا حطّت لترضى |
|
بحكمك (٦) من حلول وارتحال |
أنخنا في فنائك يا إلهي |
|
إليك معرّضين بلا اعتلال |
فسسنا كيف شئت ولا تكلنا |
|
إلى تدبيرنا يا ذا المعالي |
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد ، ثنا وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أنبأ أبو بكر الخطيب (٧) ، نا عبد العزيز بن علي الوراق ، نا علي بن عبد الله الهمذاني ، نا أحمد بن مقاتل الحريري ـ مذاكرة ـ قال : لما وافى ذو النون إلى بغداد ، اجتمع إليه جماعة من
__________________
(١) الخبر والشعر في حلية الأولياء ٩ / ٣٤٤ وثمة اختلاف في السند عما هنا.
(٢) الحلية : أحمد.
(٣) الحلية : ليس هو في هواه عنا.
(٤) الحلية : قربت.
(٥) حلية الأولياء ٩ / ٣٤٤.
(٦) الحلية : بحلمك عن حلول وارتحال.
(٧) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ٨ / ٣٩٦.