وبين ضلوعي منك ما (١) لا أبثه |
|
ولم أبد باديه لأهل ولا جار |
سرائر لا يخفى عليك خفيّها |
|
ولست أبح حتى التنادي بأسراري |
فهب لي نسيما منك أحيا بروحه |
|
وجد لي لليسر منك بطرد إعساري |
فلا روح إلا ما به النفس روحت |
|
وما فيك لاقت في رواحي وإبكاري |
آثرت الهدى للمهتدين ولم يكن |
|
من العلم في أيديهم غير معشار (٢) |
وعلمتهم علما فباتوا بنوره |
|
وبانت لهم منه معالم أسرار |
معاينة للعين حتى كأنها |
|
لما غاب عنها منه حاضرة الدار |
فأبصارهم محجوبة وقلوبهم |
|
تراك بأوهام حديدات أبصار |
جمعت لها الهم المعرف والتقى |
|
على قدر والهمّ يجري بمقدار |
فاصمت إقرارا لما أنا مؤمن |
|
به إنّ هذا الصمت قائد أفكاري |
ألست دليل الركب إذ هم تحيروا |
|
وعصمة من أمسى على جرف هار |
قال فتح بن شخرف : فلما ثقل قلت له : كيف تجدك؟ فقال :
فما لي سوى الإطراق والصمت حيلة |
|
ووضعي على خدي يدي عند تذكاري |
فإن طرقتني عبرة بعد عبرة |
|
تجرّعتها حتى إذا عيل تصباري |
أفضت دموعا جمّة مستهلّة |
|
أطفي بها حرّا تضمن أسراري |
وينعش قلبي حسن ظني بواحدي |
|
فأحيا ولو لا ذاك بحت بأسراري |
فيا منتهى سؤل المحبين كلهم |
|
أبحني محل الأنس مع كل زوار |
ولست أبالي فائتا بعد فائت |
|
إذا كنت في الدارين يا واحدي جار |
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد ، نا وأبو النجم بدر بن عبد الله ، قال : أنبأ أبو بكر الخطيب (٣) ، أنا الجوهري ، أنا محمّد بن العباس ح.
قال : وأنا الأزهري ، أنا أحمد بن محمّد بن موسى القرشي ، قالا : أنا أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي ، قال : ودخلها ـ يعني بغداد ـ أبو الفيض ذو النون النوبي المعروف بالمصري ، حين أشخص إلى سرّ من رأى أيام المتوكل ، ثم زار جماعة من
__________________
(١) الحلية : ما لولاك قد بدا.
(٢) الحلية : أنثرت الهدى ... من النور في أيديهم عشر معشاري.
(٣) تاريخ بغداد ٨ / ٣٩٧.