مات ، فبغضه سائر الخدم وشنفوه (١) وتبرموا (٢) به واستقبحوا ما كان يفعله بهم وأنفوا من ذلك ، فاستفتوا العلماء في حدّ اللوطي فقالوا : حدّه القتل ، فتواطأ على قتله بعد الفتيا جماعة من خدمه فقتلوه ليلة الأحد لليلتين بقيتا إلى العيد من ذي الحجة (٣) سنة اثنتين وثمانين ومائتين في قصره بدير المرّان (٤) خارج مدينة دمشق ، وهربوا على طريق البرية على أن يوافوا بغداد فخرج خلفهم طغج بن جفّ فأخذهم وأدخلهم إلى دمشق مشهورين (٥) وذهب بهم إلى طريق دير المرّان طريق القصر فضرب أعناقهم وصلبهم بالقرب من قصر أبي الجيش.
وذكر أبو جعفر محمّد بن الأزهر البغدادي غير هذا ، حكى : أن إبراهيم بن أحمد المادرائي أتى مدينة السلام مقبلا من دمشق على طريق البرية فأعلم السلطان أن أبا الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون اتّهم خادما له من خواصّ خدمه بجارية له وأنه تهدده وتواعده أن يقتله فلما حذر الخادم على نفسه استغوى جماعة من الخدم الخاصة وحضّهم على قتله ، فأجمعوا على ذلك في ليلتهم وشرب خمارويه ذلك اليوم شربا كثيرا فاحتملوه وأدخلوه بيت مرقده ، فلما كان في الليل ذبحوه ذبحا ، وأصبح أهل الدار فلم يروا حركته ولا رأوه يقوم في وقته ففتشوا عن أمره فأصابوه مذبوحا فجاءوا بجيش ابنه فوقفوه عليه وقرّر الخدم فأقرّوا بذلك فضرب أعناقهم وصلبهم ودعا الجند والموالي إلى بيعته فبايعوه (٦) وانصرف من دمشق إلى مصر (٧).
وقال أحمد بن الخير : إن أبا الجيش حمل في تابوت من دمشق إلى مصر ، ودفن
__________________
(١) شنف له أبغضه وتنكره (القاموس).
(٢) أي ضجروا منه وملّوه (انظر القاموس).
(٣) في النجوم الزاهرة : ذبحوه في منتصف ذي الحجة ، وقيل : لثلاث خلون منه.
(٤) موضع قرب دمشق على تل مشرف على مزارع ورياض.
(٥) وكانوا نيّفا وعشرين خادما كما في النجوم الزاهرة.
(٦) كان جيش أكبر ولد خمارويه ، وهو صبي لم يؤدبه الزمان ، ولا محنه التجارب والعرفان.
وكانت بيعته ـ كما في النجوم الزاهرة ـ في يوم سابع عشر ذي القعدة سنة ٢٨٢ فأقام أياما بدمشق ثم عاد إلى مصر.
(٧) وقيل في قتله أنه قتل على فراشه ، ذبحه جواريه وخدمه (رواية أخرى في النجوم الزاهرة ٣ / ٦٤) وقيل في قتله رواية أخرى (انظر الكامل لابن الأثير ٧ / ٢٤٧٥.