قال : وأنا محمّد بن عمر قال (١) : فحدّثني مصعب بن ثابت ، عن أبي الأسود عن عروة ، قال : خرج المنذر بدليل له من بني سليم يقال له المطّلب ، فلما نزلوا عليها عسكروا بها وسرّحوا ظهرهم ، وبعثوا في سرحهم (٢) الحارث بن الصّمة ، وعمرو بن أمية ، وقدّموا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى عامر بن الطفيل في رجال من بني عامر ، فلمّا انتهى حرام إليهم لم يقرءوا الكتاب ، ووثب عامر بن الطفيل على حرام فقتله ، واستصرخ عليهم بني عامر ، فأبوا ، وقد كان عامر بن مالك أبو براء خرج قبل القوم إلى ناحية نجد ، فأخبرهم أنه قد أجار أصحاب محمّد ، فلا يعرضوا لهم ، فقالوا : لن نخفر جوار أبي براء ، وأبت عامر أن تنفر مع عامر بن الطّفيل ، فلما أبت بنو عامر عليه استصرخ عليهم قبائل من سليم : عصيّة ورعل ـ فنفروا معه ، ورأسوه عليهم ، فقال عامر بن الطفيل : أحلف بالله ما أقبل هذا وحده ، فاتّبعوا أثره حتى وجدوا القوم ، قد استبطئوا صاحبهم ، فأقبلوا في أثره ، فلقيهم القوم والمنذر معهم ، فأحاطت بنو سليم بالقوم وكاثروهم ، فقاتل القوم حتى قتل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وبقي المنذر بن عمرو ، فقالوا له : إن شئت أمّناك ، فقال : لن أعطي بيدي ، ولن أقبل لكم أمانا حتى آتي مقتل حرام ، ثم برئ مني (٣) جواركم ، فآمنوه حتى أتى مصرع حرام ، ثم برءوا إليه من جوارهم ، ثم قاتلهم حتى قتل ، فذلك قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أعتق ليموت» (٤).
وأقبل الحارث بن الصّمة ، وعمرو بن أمية بالسرح ، وقد ارتابا (٥) بعكوف (٦) الطير على منزلتهم أو قريب من منزلتهم ، فجعلا يقولان : قتل والله أصحابنا ، والله ما قتل أصحابنا إلّا أهل نجد ، فأوفى على نشز من الأرض ، فإذا أصحابهم مقتولون ، وإذا الخيل واقفة ، فقال الحارث بن الصّمّة لعمرو بن أمية : ما ترى؟ قال : أرى أن ألحق برسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبره الخبر ، فقال الحارث : ما كنت لأتأخر عن موطن قتل فيه (٧)
__________________
(١) الخبر في مغازي الواقدي ١ / ٣٤٧.
(٢) في «سرحهم» سقطت من م.
(٣) بالأصل وم : «من» والمثبت عن الواقدي.
(٤) أي إن المنية أسرعت به وساقته إلى مصرعه (النهاية لابن الأثير).
(٥) بالأصل وم : ارتابوا ، والمثبت عن الواقدي.
(٦) بالأصل : «فعكوف» والمثبت عن م والواقدي.
(٧) سقطت «فيه» من م.