أوّل ما عرف بيني وبين عامر بن عبد الله لقيته عند مكاري الرّحبة ، وقد حبس رجل من أهل الذمة ، فكلّمهم فيه أن يخلّوا عنه ، فمال برجله ، فنزل ، فقال : كذبتم والله لا تظلم (١) ذمة الله اليوم وأنا شاهد ، قال : فلم يزل به حتى أفلته ، ورماه الناس بتلك الخصال ، فقالوا : إنّه لا يأكل السمن ، ولا يأكل اللحم ، ولا يمسّ بشرته أحد ، ولا يصلي في المساجد ، ولا يتزوّج النساء ، ويقول : إنّي مثل إبراهيم ، فأتيته وهو قاعد في المسجد ، فأخذ بيدي وصافحني ، فذكر نحوه ، وزاد : فأمّا قولهم : إنّي لا أصلي في المساجد فإنّي إذا كان يوم الجمعة انطلقت وصلّيت مع الناس الجمعة ، ثم أحبّ أن أصلي بعدها هنا.
الصّواب محمد عن معقل.
أنبأنا أبو علي محمد بن محمد بن عبد العزيز بن المهدي.
وحدّثنا أبو الحجّاج يوسف بن مكي الفقيه عنه ، أنا أبو الحسن العتيقي ، أنا أبو بكر بن شاذان ، نا محمد بن أبي الأزهر ، نا الرياشي قال : ذكر ابن عائشة عن عبيد الله بن عياش الحسني عن أبيه قال :
كان السّبب الذي سيّر به عامر بن عبد الله أنه مرّ برجل من أعوان السلطان ، وإذا هو قد علّق ذميا يدعوه (٢) إلى دار الإمارة ، قال : والذّمّي يستغيث قال : فمال إليه عامر فقال : ما لك وله؟ قال : أذهب به إلى دار الإمارة يكنسها ، قال : فأقبل عامر على الذميّ فقال : يطيب قلبك بهذا له؟ قال : لا يشغلني (٣) عن ضيعتي ، فقال له عامر : أديت جزيتك؟ قال : نعم ، فأقبل على عون السّلطان فقال : إنّي أراه يذكر أنه قد أدّى جزيته ، ولا أراك تنكر ذاك ، وإنما يذهب بسخرة ، ولا أراه تطيب نفسه بذاك ، فدعه ، قال : لا أدعه ، قال : والله لتدعنّه ، قال : والله لا أدعه ، فقال : والله لا تخفر ذمة محمد صلىاللهعليهوسلم وأنا حيّ ، قال : فلهزه واستخرجه من يده ، فكتب فيه إلى أمير البصرة أن يسيّره إلى الشام مع غيره ممن يذهب مذهبه ، قال : وكانوا يرون يتكلّمون وينكرون ، قال : فأتاه الكتاب مع ابن عامر وهو في مسجد قومه وهو بالرابية قال : فقال : السلام عليكم ، أدخل (٤)؟ فقال
__________________
(١) بالأصل وم : «لا نظلم» والمثبت عن المعرفة والتاريخ.
(٢) بالأصل وم : «يدعو» والمثبت عن المطبوعة.
(٣) في م : تشغلني.
(٤) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : أأدخل؟.