رأيت امرأة أو جدار ، وأمّا اللباس فو الله ما أبالي ما واريت (١) به عورتي ، وأما الطعام والنوم فقد غلباني ، والله لأضارنهما جهدي ، قال الحسن : فأضرّ والله بهما.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو عبد الله الحسين بن ظفر بن الحسين ، قالا : أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أبو القاسم البغوي ، نا قطن بن نسير ، نا جعفر بن سليمان ، نا حوشب ، عن الحسن قال :
كتب معاوية إلى عبد الله بن عامر : انظر عامر بن قيس فأحسن إذنه ، ومره أن يخطب إلى من شاء ، وأمهر عنه من بيت المال ، قال : فأرسل إليه ، إنّ أمير المؤمنين كتب إلي أن أحسن إذنك ، قال : ما أصنع بالإذن؟ فأنتم أحوج إلى ذلك مني ، وأمرني أن تخطب إليّ من شئت ، وأمهرك من بيت المال ، قال : أنا في الخطبة دائب ، قال إلى من؟ قال : إلى من يقبل منّي التمرة والعلقة (٢) ، ثم أقبل على جلسائه فقال : إني سائلكم فأخبروني ، قالوا : سل ، قال : هل منكم أحد إلّا لماله من قلبه شعبة؟ قالوا : اللهمّ نعم ، قال : هل منكم (٣) أحد إلّا لولده من قلبه شعبة؟ قالوا : اللهمّ نعم ، قال : هل منكم من أحد إلّا لأهله من قلبه شعبة؟ قالوا : اللهمّ نعم ، قال : والذي نفسي بيده لأن تختلف الخناجر في جوارحي أحبّ إليّ من أكون هكذا ، أما والله لئن استطعت أن أجعل الهمّ همّا واحدا لأفعلنّ.
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أحمد بن الحسين ، أنا عبد الله بن يوسف ، أنا أبو سعيد بن الأعرابي ، نا ابن أبي الدنيا ، نا هارون بن عبد الله ، نا سعيد بن عامر ، عن أسماء بن عبيد قال : قال عامر بن عبد قيس :
والله لئن استطعت لأجعلنّ الهمّ هما واحدا.
قال الحسن : ففعل (٤) وربّ الكعبة.
قال أبو سعيد بن الأعرابي : وهذا أعلى ما قيل في الزهد أن يكون الهمّ هما واحدا لله عزوجل ، ليس ذكر دنيا ولا آخرة ، وهو غاية الزهد ، وهو خروج قدر الدنيا
__________________
(١) بالأصل : «ورايت» خطأ ، والصواب عن م والمعرفة والتاريخ.
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : والفلقة.
(٣) في المطبوعة : هل منكم من أحد.
(٤) في م : يفعل.