ح وأخبرنا أبو نصر غالب بن أحمد بن المسلّم ، أنا أبو الفضل أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن الكريدي ، قالوا : أنا أبو الحسن بن السمسار ، أنا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم بن مروان ، قالا : أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي ، نا أبو عبد الله محمّد بن عائذ ، نا الوليد بن مسلم قال : قال أبو طرفة : عبّاد بن الرّيّان اللّخمي سمعت عروة بن رويم اللّخمي قال : حدّثني عامر بن لدين (١) قاضي الناس مع عبد الملك بن مروان قال : سمعت أبا ليلى الأشعري يقول : حدّثني أبو ذرّ قال :
أول ما دعاني إلى الإسلام أنا كنا قوما عربا فأصابتنا السّنة ، فاحتملت أمي وأخي ـ وكان اسمه أنيس ـ إلى أصهار لنا بأعلى نجد ، فلما حللنا بهم احتفوا (٢) بنا وأكرمونا ، فلما رأى ذلك رجل من الحيّ مشى إلى خالي ، فقال : تعمل أن أنيسا يخالفك إلى أهلك ، قال : فحزّ في قلبه وأحس (٣) ، فانصرفت من رعية إبلي ، فوجدته كثيبا يبكي ، فقلت : ما بكاؤك يا خال؟ فأعلمني الخبر ، فقلت : حجر الله ـ وقال ابن أبي العقب : حجر لله ـ من ذلك إنا نعاف الفاحشة ، وإن كان الزمان قد حلّ بنا ، ولقد كدرت علينا صفو ما ابتدأتنا به ، ولا سبيل إلى اجتماع ، فاحتملت أمّي وأخي حتى نزلنا بحضرة مكة ، فقال أخي : إني مدافع رجلا على الماء بشعر ، وكان امرأ شاعرا ، فقلت : لا تفعل ، فخرج به اللجاج حتى دافع دريد بن الصّمّة صرمته (٤) إلى صرمته ، وأيم الله لدريد يومئذ أشعر من أخي ، فتقاضيا إلى خنساء ، ففضت لأخي دريد ، وذلك أن دريدا خطبها إلى أبيها ، فقالت : شيخ كبير لا حاجة لي فيه ، فحقدت ذلك عليه ، فضممنا صرمته إلى صرمتنا ، فكانت لها هجمة (٥) ، قال : ثم أتيت مكة فابتدأت بالصفا ، فإذا عليه رحالات قريش ، وقد بلغني أن صابئا أو مجنونا أو شاعرا أو ساحرا ، فقلت : أين هذا الصابئ الذي تزعمونه؟ قال : ها هو ذاك حيث ترى ، فانقلبت إليه ، فو الله ما جرت عنهم قيس حجرة حتى أكبّوا عليّ بكل عظم وحجر ومدر. فضرجوني بدمي حتى أتيت البيت ، فدخلت بين الستور والبنّاء ، فصرمت فيه ثلاثين يوما لا آكل ولا أشرب إلّا من ماء زمزم
__________________
(١) تقدمت ترجمته قريبا في كتابنا.
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : افتفوا.
(٣) كذا بالأصل ، وفي م : «وأوجش» وفي المطبوعة : وأحبس.
(٤) الصرمة : القطعة من الإبل ما بين الثلاثين إلى الخمسين (اللسان).
(٥) الهجمة من الإبل ، قريب من المائة (اللسان).