قال : أنبئت أن عامر بن عبد قيس تخلّف عن أصحابه ، فقيل له : إنّ هذه الأجمة فيها الأسد ، وإنا نخشى عليك ، فقال : إنّي لأستحي من ربّي أن أخشى شيئا دونه.
أنبأنا أبو علي محمد بن محمد بن عبد العزيز.
وأخبرنا أبو الحجّاج يوسف بن مكي الحارثي عنه ، أنا أحمد بن محمد بن أحمد العتيقي ، أنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان ، نا محمد بن مزيد الخزاعي ، نا الرّياشي [نا](١) ابن عائشة قال : كان عامر بن عبد الله بن عبد قيس يدخل بيتا يطيل فيه الصّلاة ، قال : قال : وكان الرّمث (٢) نابتا حولهم ، قال : والبصرة إذ ذاك شديدة الحرّ ، قال : فانساب أسود سالخ فدخل البيت فيطوي في مصلّاه ما يشعر به ، فلمّا انحط للسجود رآه ، فنفضه بيده ، فانساب فخرج ، فقال بعض من رآه من أهله : أما رهبت هذا ، إنّه حتف ، فقال : لا والله ، لو لا أنّي قذرته لسجدت عليه ، والله إنّي لأستحي من الله أن يطلع من قلبي على أنّي أرهب شيئا سواه.
أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن البغدادي ، أنا أحمد بن محمد بن أحمد الطّهراني ، وعبد الوهاب بن محمد بن إسحاق ، قالا : أنا الحسن بن محمد بن أحمد ، أنا أحمد بن محمد بن عمر ، نا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد ، حدثني محمد بن يحيى بن أبي حاتم الأزدي ، حدثني جعفر بن أبي جعفر الرازي ، عن أبي جعفر السّائح ، أنا أبو وهب وغيره يزيد بعضهم على بعض في الحديث.
أن عامر بن عبد قيس كان من أفضل العابدين ، ففرض (٣) على نفسه كل يوم ألف ركعة يقوم عند طلوع الشمس ، فلا يزال قائما إلى العصر ، ثم ينصرف ، وقد انتفخت ساقاه وقدماه ، فيقول : يا نفس إنّما خلقت للعبادة ، يا أمّارة بالسوء ، فو الله لأعملنّ بك عملا لا يأخذ الفراش منك نصيبا ، وهبط واديا يقال له وادي السّباع ، وفي الوادي عابد حبشي يقال له : حممة فانفرد عامر في ناحية وحممة في ناحية يصليان ، لا هذا ينصرف إلى هذا ، ولا هذا ينصرف إلى هذا أربعين يوما وأربعين ليلة ، إذا جاء وقت الفريضة صلّيا ثم أقبلا يتطوعان ، ثم انصرف عامر بعد أربعين يوما ، فجاء إلى حممة فقال : من
__________________
(١) سقطت من الأصل ، والزيادة عن م.
(٢) الرمث : من مراعي الإبل ، وهو من الحمض (اللسان).
(٣) في م : يعرض.