محمد بن سعد (١) ، أنا أحمد بن إبراهيم العبدي ، حدّثني أبو الوليد الشّيباني ، نا مخلّد قال : سمعت واصلا ذكر أن عامرا غزا مع الناس ، فنزل المسلمون منزلا ، فانطلق عامر ونزل في كنيسة ، وقال لرجل : خذ لي (٢) باب الكنيسة ، فلا يدخلنّ عليّ أحد ، قال : فجاءه الرجل فقال : إنّ الأمير يستأذن ، فقال : فأذن له ، فدخل ، فلمّا دخل فكان قريبا قال له عامر : أنشدك الله ، أذكرك الله أن ترغّبني (٣) في دنيا أو تزهّدني في الآخرة.
قال (٤) : وأنا أحمد بن إبراهيم ، أنا سعيد بن عامر ، عن أسماء بن عبيد ، قال : كان عامر العنبري في جيش ، فأصابوا جارية من عظماء العدوّ ، قال : فوصفت لعامر ، فقال لأصحابه : هبوها لي ، فإنّي رجل من الرجال ، ففعلوا وفرحوا بذلك ، فجاءوا بها ، فقال : اذهبي فأنت حرّة لوجه الله ، قالوا : يا عامر والله لو شئت أن يعتق بها كذا وكذا لأعتقت ، قال : أنا أحاسب ربي.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن [طاهر](٥) ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أحمد بن سهل ، نا إبراهيم بن معقل ، نا حرملة ، نا ابن وهب ، حدثني مالك.
أن عامر بن عبد قيس كان يمر بالخربة فينادي مرارا ، فيقول : يا خرب أين أهلك ، يا خرب؟ ثم يقول : بادوا وعامر بالأثر. وأنه كان بالشام فأتاه أسد ، فقال إلى جنبه حتى أصبح ، فكلّمه راهب فقال : ما نبؤك؟ فقال : معاوية [أخرجني](٦) إلى هاهنا ، فقال له الراهب : إنّ ناسا أنت شرّهم لخيار ، وكان معاوية قال له : كيف أنت مذ قدمت هذه البلاد؟ قال : بخير ، إلّا أنني فقدت هاهنا ثلاثا ، كنت بالعراق أسمع التأذين فأقوم لذلك بالأسحار ، وهاهنا أسمع النواقيس ، وكنت أصوم بالعراق فيصيبني الحرّ وشدة العطش ، وهذه أرض باردة ، وكنت أجلس مع قوم ينتقون الكلام كما ينتقى التمر (٧) ، ولم أجدهم هاهنا.
__________________
(١) الخبر في طبقات ابن سعد ٧ / ١١٠.
(٢) في ابن سعد : خلا لي.
(٣) بالأصل وم : «يرغبني ... يزهدني» والمثبت عن ابن سعد.
(٤) المصدر السابق ٧ / ١١٠ ـ ١١١.
(٥) سقطت من الأصل واستدركت عن م.
(٦) سقطت من الأصل واستدركت عن م.
(٧) في المطبوعة : الثمر.