عيسى المكي ، نا محمّد بن القاسم بن خلّاد ، عن محمّد بن عبد الرّحمن المهلّبي ، حدّثني العبّاس بن محمّد بن علي بن عبد الله بن العبّاس ، وكان العبّاس أجود الناس رأيا ، وكان الرشيد يقول عمي العبّاس بن محمّد يذكّرني أسلافنا ، قال العباس : قلت للرشيد يوما : إنما مالك تزرع به من أصلحته نعمتك ، وسيفك تحصد به من كفرها ، وكان بين يدي الرشيد طبيب يقول له : كل كذا ، ولا تأكل كذا ، فقلت للطبيب : أنت أحمق إذا صححت فكل كلّ شيء ، وإذا مرضت فاحتم من كل شيء ، وقال له بعض الشعراء :
لو قيل للعبّاس يا ابن محمّد |
|
قل لا ـ وأنت مخلّد ـ ما قالها |
إنّ السماحة لم تزل معقولة |
|
حتى حللت براحتيك عقالها |
وإذا الملوك تسايرت في بلدة |
|
كانت كواكبها (١) وكنت هلالها |
قرأت بخط محمّد بن عمران بن موسى المرزباني ، حدّثني أبو بكر عبد الله بن محمّد بن أبي سعيد البزار ، حدّثني أبو عبد الله محمّد بن القاسم بن خلّاد اليمامي ، نا صالح بن الوجيه ، قال : قال العبّاس بن محمّد لمؤدب بنيه.
يا فل انك قد كفيت أعراضهم فاكفني آدابهم ، علّمهم كتاب الله فإنه عليهم نزل ، ومن عندهم فصل ، وإنه كفى بالمرء جهلا أن يجهل فضلا عنه أخذ ، وفقّههم في الحلال والحرام فإنه حابس أن يظلموا ، وغذّهم بالحكمة فإنها ربيع القلوب ، والتمسني عند آثارك فيهم تجدني.
أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن الفراء ، وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا أبي علي البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، قال : وحدّثني عمي مصعب بن عبد الله ، أخبرني أبي قال : كان سعيد بن سليمان عند العبّاس بن محمّد ـ ببغداد ـ فكان سعيد يستأذن العبّاس في الانصراف إلى المدينة فيأبى [أن](٢) يأذن له ويقول له : أقم حولا ، فكان سعيد يتطرف إلى المدينة وإلى ما له بالجفر (٣) ، فقال له العبّاس :
__________________
(١) في تاريخ بغداد : كواكبنا.
(٢) سقطت من الأصل وم وأضيفت عن المطبوعة.
(٣) الجفر موضع بناحية ضرية من نواحي المدينة ، كان به ضيعة لأبي عبد الجبار سعيد بن سليمان بن نوفل بن مساحق بن عبد الله بن مخرمة (ياقوت).