منها عدة كثيرة وأخرجوا رجلين قد ألبسوهما جلود الكلاب بحيوان معهما حتى نفذ أو سقط كتاب أحدهما وأتى به مسلمة ومضى رسولاهما إلى الطاغية ، فخرج معينا لهم نحو من مائة ألف بالعدد والقوة والحبال والجوامع وبالعجل تحمل الأسواق والطعام ، فبلغ (١) مسلمة فأحضر كلّ فارس بقي فرسه وولى عليهم العباس بن الوليد ، وأمره بمواجهتهم إذا هم قدموا. وثبت هو على دابته مع رجاله العسكر وجماعتهم مما يلي باب الطوانة.
قال : وتقدم مقدمة الطاغية بحجرته ليضربوها ويعسكر بجنوده (٢) حولها فهمّ عباس بالشدة على مقدمتهم ، فقال مسلمة (٣) : لا تفعل حتى يتاموا فإذا انهزموا لم يكن لهم باقية ولا فئة تلجأ منهزمتهم إلينا ، فقال العباس : تتركهم حتى تصير منهم ومن أهل الطوانة كالجالس بين لحيي الأسد ثم بين عسكرين ، فحمل عليهم بمن معه من جنود المسلمين وفرسانهم ، فقال مسلمة : اللهمّ إنه عصاني وأطاعك فانصره فمضى عباس ، وهزمهم الله وولوا يقصف بعضهم بعضا حتى دفعوا إلى طاغية الروم وجماعة من جمعه فثبت ولجأت إليهم المنهزمة ، فاقتتلوا قتالا شديدا.
قال : أخبرني الوليد بن مسلم ، عن عبد الله بن المبارك أنه أخبره عن بعض مشايخ أهل الشام أن عباسا لمّا استأخر عنه النصر ورأى من ثبات الروم ما رأى قال : يا ابن محيريز أين الذين كانوا يلتمسون الشهادة ، نادهم (٤) يأتوك ، قال : يا أهل القرآن ، يا أهل القرآن فأتوه سراعا ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، وهزم الله الطاغية وجماعة من كان معه.
قال : ونا الوليد ، قال : فأخبرني شيخ من الجند عن شيخ من آل مسلمة شهد ذلك.
أن العبّاس استأذن مسلمة أن يشدّ عليهم بجنده من أهل حمص ومن انتدب معه ، فكان من هزيمتهم ما كان ، ومضى العباس في طلبهم حتى لقي الطاغية معه البطارقة وأبناء ملوكهم ، وهو يسير في قباب الريحان يجرها العجل ، فشدّ عليهم فاقتتلوا قتالا شديدا ، وقتل جماعة من المسلمين منهم أبو الأبيض العنسي ، ثم إن الله هزمهم وقتل
__________________
(١) في م : فبلغ ذلك مسلمة.
(٢) عن م وبالأصل : جنوده.
(٣) في م : مسيلمة.
(٤) عن م وبالأصل : ناداهم.