وسعدا (١) ، فساروا في ثلاثة آلاف وأبو الهيذام في داره معه ابنه خريم وغلام له أسود ، فقال لجاريته : جيئيني ببدرة أقسمها بين أهلي ، فإنه قد حضرني رأيي السّاعة ، وقال لابنته : يا بنية طيبيني ، فجاءته بغالية ، فجعلها في رأسه ، وقال لها : يا بنية كم من متمن لرأس أبيك ، وجاءته الجارية ببدرة ، فقال : إنّي لأسمع صوت طبل ، قال : قائد ركب ، فلم يشعر إلّا بمحمّد الختّلي على الحائط قد تسوّر عليه والجنود قد أحاطت بداره ، وقام إلى سيفه ، وقال : عذرا يا بني اللخناء ، وجاءت ابنته بالدرع فألقتها في عنقه وحمل على الختّلي وكان من أشدّ فرسان أهل خراسان فاختلفا ضربتين فضرب أبو الهيذام وجهه فصرعه ، ووقعت ضربة الختّلي في علقه فلم يغن شيئا ، وقال لابنه خريم احتز رأسه ، فاحتز خريم رأسه ، ورمى [به](٢) إلى الجند ، فولّوا هاربين ، وقالوا : لم يصنع هذا أبو الهيذام إلّا ومعه فرسانه ، وقال أبو الهيذام لأهله : ارفعوا رايات ، فرفعوها وأظهروا السّلاح ، وخرج أبو الهيذام إلى دار له أخرى فيها دوابّه ، فركب وركب ابنه وغلامه ، وخرجوا على الناس وهم منهزمون فاتبعوهم حتى انتهوا إلى ملعب الروم ، حصن في مدينة بصرى ، وتسامعت خيل أبي الهيذام فجاءوا من كل وجه حتى تكامل عنده عدة فحاصرهم في ذلك الحصن يومه كله فلما أمسى مضى إلى حوران وكان أبو الورد ليلة سار إلى أبي الهيذام كتب إلى موسى بن عيسى بالخبر ، فأرسل ابنه في ألف فارس وقال له أقبل دوابّك حتى تصبّح بصرى ، فتأخذ أبا الهيذام فيكون لك ذكره ، وكتب موسى من ساعته إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد إني قد قتلت أبا الهيذام وأنا باعث برأسه ، فلما أصبح موسى أتاه الخبر ، ثم لم يلبث إلّا عشرة أيام حتى عزل ، واستخلف عبد السّلام بن حميد المرورّوذي ، وسار أبو الهيذام إلى أبي الورد فأرسل أبو الورد إلى أهل بيته إلى عبد الواحد بن مجاشع ، وخالد بن مجاشع ، وأبي الورد بن الوليد بن عثمان وجماعة من أهل بيته ، قال : اخرجوا إلى أبي الهيذام فكلّموه ، فخرجوا إليه وطلبوا إليه ، وسألوه أن يعفو عنه ، فقال : إن جاءني فوضع يده في يدي رأيت رأيي ، قالوا : فإنا نأتيك به ، فسار أبو الهيذام إلى بصرى وجاء أبو الورد في خمس مائة من أهل خراسان فلما كان بينه وبين بصرى نصف فرسخ لقيته خيل أبي الهيذام ودنا هو وابنه خريم وغلامه وفارسان معه ، وجاء أبو الورد وجعدة ، وكثير بن الأشعث المرّي عليهم
__________________
(١) عن م ، وبالأصل : وسعد.
(٢) زيادة عن م ، سقطت من الأصل.