به لأحتاط لكم ، فإن وفى له القوم فذاك ، وإن غدروا ناصبتهم الحرب ، فأرجوا أن يقتل الله السّندي وإسحاق وأبا إسحاق وأم إسحاق ، وقال لابنه : انطلق ، فأتى الهيذام السندي فرحب به وأدناه ، وردّه إلى أبيه فجاء أهل دمشق إلى السندي ، فأعطاهم ما أرادوا فتجهز أبو الهيذام يوم الأحد إلى الأحد الآخر ، ثم خرج يوم الاثنين ضحوة في عدة لم ير الناس مثلها ، معه خيوله ، معه تسعة آلاف فارس معلم ، فاجتمعت خيوله ثم أتى قرية لفزارة يقال لها راوية فنزلها وهي على فرسخ من دمشق.
وولي السنديّ دمشق بأحسن ولاية فأتته اليمانية فقالوا : خرج أبو الهيذام بدمائنا وأموالنا سالما ، قال : فما أصنع به؟ لا أقوى على محاربته ، فإن أردتم قتاله لم أمنعكم ، فدونكموه ، فلعمري إنه لمضجر لكم ، فلم تقاتلوه ، وأتى أبو الهيذام قرية لقيس يقال لها : براق (١) ثم سار إلى حوران ، وأقام السندي ثلاثة أيام ، وقدم موسى بن عيسى واليا على دمشق فولّى شرطه إبراهيم بن حميد المرورّوذي ، وأقام بدمشق عشرين يوما ، وأبو الهيذام بحوران يظهر أحيانا ، ويختفي أحيانا فبلغ عيسى (٢) بن موسى فخرج إلى حوران في أشراف أهل دمشق ومعه من قواد خراسان هرثمة بن أعين والسندي رجاء أن يأخذ أبا الهيذام وحذره أبو الهيذام فلم يظهر وطلبه موسى بن عيسى طلبا معذرا ، وقال للهيذام : لو كان أبوك تحت قدمي ما رفعتها عنه وألطف موسى الهيذام فكان أول داخل وآخر خارج ، فأقام خمسين يوما بحوران ، فطلب (٣) أبا الهيذام طلبا معذرا رجاء أن يصيب منه غرة فلم يقدر عليه ، فانصرف إلى دمشق واستعمل على حوران سعد الطلائع ، وخلّف معه ثلاثة آلاف من الجند وفرّق أبو الهيذام أصحابه ، ورجع الناس إلى عشائرهم ، وبقي أبو الهيذام في فوارس من حماة أصحابه ، فجاء أبو الورد بن رياح (٤) بن عثمان المرّي إلى موسى بن عيسى فقال : ولّني حوران وأجيئك بأبي الهيذام ، فولاه وأمر سعد الطلائع بطاعته ، فطلب أبو الورد أبا الهيذام طلبا سديدا فخرج أبو الهيذام إلى بلاد كلب حتى بلغ ماء يقال له الأحوى ، وسرّح موسى في طلب ابن منظور الزهيري ، وبلغ ذلك أبا الهيذام فرجع إلى حوران ثم دخل إلى منزله ليلا في بصرى ، وجاء قوم فأخبروا أبا الورد
__________________
(١) موضع بالشام (ياقوت : جبا براق).
(٢) كذا بالأصل وم : «عيسى بن موسى» وقد مرّ قبل سطر «موسى بن عيسى» وهو الصواب.
(٣) كذا بالأصل وفي م ، وفي المطبوعة : «يطلب» وهو أشبه.
(٤) في م : ابن رباح.