قوما من الجند لينشبوا الحرب ويغري السّندي بأبي الهيذام ، وقال لهم : إذا خرج السندي فشدّوا على أبواب المدينة ، وأرسل أبو الهيذام خمسين رجلا من مشيخة قيس ليخبروا السّندي بعذره ، فأقام السندي مليا عند إسحاق وذلك بعد العصر ، وأصحاب السّندي على بعثته وكان في عشرين ألفا فلما خرج السندي من عند إسحاق شدّ القواد الذين أمرهم إسحاق على أبواب المدينة ، وعلوا الحيطان ، فرجع الخمسون الذين وجّههم إلى أبي الهيذام ، فقال حمدون ومحفوظ لأبي الهيذام : دعنا نشدّ عليهم ، فقال : لا تفعلوا فإن هذا ليس عن أمر السّندي ، هذا شيء فعله إسحاق واليمانية ، فلا تعجلوا ، فأمر بمصلّى ، فألقي له واضطجع عليه ، فإذا رسول السندي قد أتاه ، فقال : إنّي لا أريد قتالك ، ولم أؤمر بذلك ، فكف أصحابك ، فقال أبو الهيذام لرسوله : ونحن أيضا لا نريد قتالك ، فرجع رسول السّندي وقال أبو الهيذام لأصحابه : كيف ترون؟ ، وكفّ السندي الجند وقد قتل منهم خمسة وأقام ليلته.
قرأت بخطّ أبي الحسين الرازي ، أخبرني أبو العبّاس محمود بن محمّد ، أنا حبش (١) بن موسى ، نا علي بن محمّد المدائني ، في خبر أبي الهيذام قال :
فلما أصبح أرسل السّندي قائدا من قوّاده يقال له بسطام بن ربيعة في ثلاثة آلاف ، فأخرج أبو الهيذام ألف رجل كلهم معلم قد أقلبوا البيض ، فلما رآهم القائد رجع إلى السّندي ، فقال : أعط هؤلاء ما أرادوا ، فلا والله ما رأيت [مثل](٢) هيئة هؤلاء قط ، قد رأيت قوما الموت أحبّ إليهم من الحياة ، فأرسل السنديّ إلى أبي الهيذام إنّي معطيك ما أردت ، فبعث أبو الهيذام إلى أهل دمشق ، اختاروا لأنفسكم إن شئتم خرجت حتى أردّ عنكم السّندي أو أموت (٣) ، وكان أبو الهيذام في أيام الفتنة داخل مدينة دمشق ، متغلب عليها ، وإسحاق بن إبراهيم بن صالح خارج باب الجابية في قصر الحجّاج ، فقال أهل دمشق لأبي الهيذام : نحن على الطاعة ، وإنما بغى علينا قوم فقاتلناهم ، والعافية أحبّ إلينا ، قال أبو الهيذام : فخذوا لأنفسكم ، وأرسل ابنه الهيذام إلى السندي ليتوثق منه ، فقالوا له : لا ترسل ابنك فإنا لا نأمنه عليه ، قال : أمّا والله إنّه لأعزّ الخلق عليّ ولكن أغرّر
__________________
(١) اللفظة غير واضحة بالأصل ولا في م ، والذي أثبتناه عن المطبوعة. وانظر ما لاحظه محققها بالهامش.
(٢) الزيادة لازمة عن المطبوعة.
(٣) من قوله : فبعث أبو الهيذام إلى هنا سقط من م.