دعامة مولّى لقريش فقال : إنّما كنت أحسيك الحساء لمثل هذا اليوم ، وضمّ إليه مرّة العكبي (١) وقال لابنه خريم : أعاهد الله يا ابن اللّخناء لئن رجعت إليّ منهزما لأضربن الذي فيه عيناك ، فسار دعامة في ميدان دمشق ، وسار أبو الهيذام من ناحية برزة ، ومضى خريم فانتهوا إلى حولان (٢) عند العصر ، وسبقهم خريم والقوم بحولان (٣) على ميمنته نصر بن غالب الأشجعي وعلى ميسرته (٤) سوار الكلابي ، فخرج خمسة وعشرون من الزواقيل فيهم كعب الأسدي ومعتمر القرشي ، فحملوا عليهم فقتلوا منهم أربعين رجلا ، وانهزمت اليمانية فصاروا إلى حصون أربعة في حولان (٥) ففتح خريم حصنا في يومه ذلك ، ثم باتوا في صكّا ، وغاداهم خريم وقد هرب منهم ناس كثير ، وجاءهم الهيذام حين أصبحوا ، وقد تخيّر ناس كثير ممن كان هرب فقتلوا ، وأشرف على الهيذام أهل الحصون ، فقالوا : يا حسن الوجه ، الأمان ، قال : من خرج إلي فهو آمن ، فخرج إليه ناس كثير ، فمن كان في ناحية الهيذام أمن ، ومن كان في ناحية خريم قتل ، وولي القتل التغلبيون وهم موقورون فلم يبقوا على شيء ، وكان أكثر القتلى في أهل حمص ، وقتل ابن المعمّر الطائي ، وعبد الرّحمن بن عطية الغساني ، وحرقت الحصون ، وانصرفوا ، ووجه أبو الهيذام حمدون السّلمي فأحرق قرى اليمن في الغوطة داعية ، وبيت سوا ، وحمورية ، وحجراء ، وزملكا ، وجواره ، وعربيل ، أرزونا ، ودقانية وبيت قوفا ، وبيت أبيات ، وقرى كثيرة ، ثم عادوا إلى داريا ، فدمّر عليها ولم يدع فيها شيئا ، وأراد أن يحرق ما حولها فجاءت عامر بن عوف والقين وسليح فسألوه بالرحم ، فكف عنهم ثم مكثوا خمسة وسبعين يوما.
فلما كان مستهل ربيع الآخر قدم السّندي في الجنود فنزل على ليلتين من دمشق ، فأتاه أهل اليمن بالقريتين (٦) ، وقالوا : قد خلع أبو الهيذام فأقبل على بعثته حتى نزل مرج عذراء ، فأتاه بنو نمير ، فأخبروه أن أبا الهيذام على الطاعة ، وسرّح أبو الهيذام حمدون السّلمي ، ومحفوظا المحاربي إلى السّندي ، فأخبروه بطاعة أبي الهيذام ، فأقبل حتى دخل دمشق من ناحية الجبل ، وإسحاق في دار الحجّاج فأتاه السندي ، فدسّ إسحاق
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي م : «الكعبي» وفي المطبوعة : العكي.
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : «حرلان» وهي من قرى غوطة دمشق (ياقوت).
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : «حرلان» وهي من قرى غوطة دمشق (ياقوت).
(٤) في م : يسرته.
(٥) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : «حرلان» وهي من قرى غوطة دمشق (ياقوت).
(٦) القريتين : قرية كبيرة من أعمال حمص (ياقوت).