والعذاب ، وحلف العذافر بالطلاق والعتاق ألّا يذوق طعاما ولا شرابا حتى يدخل دمشق ، وتقدم حتى لزق بالباب ، فخرج أبو الهيذام وقال لفرسانه : انزلوا ، فنزلوا ومشوا ، فضاربوهم على الباب حتى أزالوهم عنه ، ونزل العذافر فخرج إليه دعامة ، ورمى رجل من أصحاب أبي الهيذام بحجر فأصاب رجل العذافر فاضطرب وطعنه دعامة في حلقه فصرعه ، وحملت الخراسانية واليمانية ليحملوا العذافر فرمى دعامة بالرمح وشدّ عليهم بالسيف ودخل بين رماحهم ، فلم يزل يقاتلهم حتى انفرجوا ، وجرّ برجل عذافر حتى أدخله إلى أبي الهيذام ، فقال له أبو الهيذام : يا ابن اللخناء أحلفت أنك لا تطعم طعاما ولا تشرب شرابا حتى تدخل دمشق بالسّيف؟ قد لعمري بريت يمينك ، أجهزوا عليه ، فقتلوه ، فأرسل إليه إسحاق وصاحب السكة وهو خال عذافر : بعنا جثته بعشرة آلاف ، او واره ، فقال : أما والله حتى تعرقه الكلاب فلا ، فانصرفوا.
فلما كان يوم الاثنين قدم عبد العزيز العمري من ولد عمر بن الخطاب دمشق في أربعين رجلا من قريش وغيرهم يريدون الغزو ، فقالوا : لو أصلحنا بين هؤلاء كان أعظم أجرا ، فأتى العمري أبا الهيذام ، فكلّمه فقال له : الأمر إليك فاحكم بما شئت ، وإن لزمني الضيم ، فأتى اليمانية فكلّمهم (١) ، فقالوا : الأمر إلى إسحاق ، فأتى إسحاق يكلّمه ، فأبى ، ثم أجابه فمشى بينهم وبانت خيل أبي الهيذام ، فأقام العمري يختلف بينهم ، وأقبل ابن بجدل من حمص قد استنجدهم وعليهم ابن معمّر الطائي ، فنزل داريا ، والعمري في الصّلح حتى يكتبوا بينهم كتابا ، فيخرج ابن المعمّر بأهل حمص فيغير على قرية لتغلب يقال لها حمنا مع الفجر فقتل من أدرك ، وأحرقها ، فأعانه ناس من بني نمير فهزمهم ابن المعمّر واتبعهم فقتل كلّ من مرّ به حتى انتهى إلى حولان (٢) قرية لغسان ، وخرج شيوخ من بني تغلب إلى أبي الهيذام قد غمسوا دروع النساء في الدماء فحملها أبو الهيذام إلى العمري ، فألقاها بين يديه ، فقال : هذا فعلهم ، ونحن في الصلح ، فركب العمري ومضا ، ودعا أبو الهيذام ابنه خريما فعقد له وقال : لا ترجعن إليّ حتى تلقى جمعهم الأعظم فتموت أو تظفر ، ودعا ابنه الهيذام فعلا جبلا يقال (٣) له برزة ، ودعا
__________________
(١) من قوله : فكلّمه فقال له .. إلى هنا سقط من م.
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : «حرلان» وهي من قرى غوطة دمشق (ياقوت).
(٣) «يقال له» سقط من م.