فأتى قرية لبني تغلب ابنة وائل يقال لها دومة فقتل فأكثر القتل ، وأنهب حتى ملأ يديه هو وأصحابه من الغنائم ، ثم انصرف راجعا إلى حمص حتى مرّ بقرية لأهل اليمن يقال لها حرلان ، فلقيه وجوه من بها من غسان وغيرهم ، فسألوه أن يكرمهم بأن ينزل عليهم ، ففعل ، فأكرموه ومن معه ، وبلغ الخبر أبا الهيذام فوجه في أثر المعمر بن أيوب ابنه خريما في خيل من المضرية ، وأمره باغذاذ السير حتى يلحقه ، فلم يدر المعمر وأصحابه حتى هجم عليهم خريم بحرلان من آخر يومه ذلك ، وحرلان من دمشق على عشرين ميلا ، فخرج إليه المعمر بن أيوب وأصحابه ومن بحرلان من غسان وقبائل اليمن فاقتتلوا قتالا شديدا ، ثم إن خريما شدّ على المعمر وهو يرتجز ويقول :
لا ردني الله إذا فررت |
|
ولا أراني النصر ، إن حملت |
إلّا على الكبش ، وإن هلكت |
فطعنه في مركع (١) كتفه ، فقتله ، وولّت اليمانية منهزمين ، فقتلهم خريم مقتلة عظيمة ، واستنفذ ما كان في أيديهم لأهل دومة ، فألحقه أبوه أخاه هيذاما ، فلحقه وقد فرغ ، فاستنقذ منه ناسا كان أخوه خريم أسرهم من اليمانية من أهل دمشق أهل حرلان. فأما الحمصيون (٢) فلم يرجع منه مخبر ، ولم يقتل من اليمن أكثر مما قتل منهم في ذلك اليوم.
ثم إن السكاسك جمعوا جمعا عظيما ، ثم أتوا مدينة دمشق مما يلي باب توما فخرج إليهم أبو الهيذام في المضرية فاقتتلوا قتالا شديدا ، وكانت السكاسك [أصبر من لقيهم تحت ظلال السيوف ، حتى كثرت القتلى من الفريقين ، ثم انهزمت السكاسك](٣) واتبعتهم المضرية حتى أخرجوهم من قريتهم التي يقال لها : بيت لهيا ، وكانت من أحسن تلك القرى وأكثرها (٤) قصورا فانتهبوها ، وأحرقوا قصورها إلّا بني الضحاك بن رمل ، فإنهم استأمنوا أبا الهيذام ، فأمّنهم ولم ينتهب لهم شيئا ، ولم يهدموا لهم بناء.
__________________
(١) كذا بالأصل وفي م ، وفي المطبوعة : مرجع.
(٢) بالأصل وم : «الحصون» والمثبت عن المطبوعة.
(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك للإيضاح عن المطبوعة.
(٤) في م : وأكثرهم.