وأنجز الله في خلافته عظيم ما وعد الله به رسوله صلىاللهعليهوسلم من الفتوح ، لأنه صلىاللهعليهوسلم ، أخبر ببلوغ ملك أمته ما زوى له منها ، وبلغ ملكهم من أول المشرق إلى بلاد السند ، والترك ، إلى آخر بلاد المغرب من سواحل البحر المحيط بالأندلس ، وبلاد البربر (١). ولم يتسعوا في الجنوب والشمال كل الإتساع (٢).
وقال القاضي عياض (٣) : «زويت له عليه الصلاة والسلام الأرض ، فرأى مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمته ما زوي له منها ، فكذلك كان امتدت في المشارق والمغارب ، ما بين أرض الهند أقصى المشرق إلى بحر طنجة ، حيث لا عمارة وراءه ، وذلك ما لم تملكه أمة من الأمم ، ولم يمتد في الجنوب ولا في الشمال مثل ذلك».
وفي زبور داود عليهالسلام أن نبينا عليه الصلاة والسلام يحوز من البحر إلى البحر ، ومن لدن الأنهار إلى منقطع الأرض.
وقد روي عن العباس بن الوليد (٤) معنعنة (٥) عن ثوبان قال له رسول الله
__________________
(١) انظر : ابن الجوزي : الوفا ١ / ٣٠٨.
ومن الأحاديث المبشرة بالفتوح الإسلامية حديث أبي هريرة رضياللهعنه قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ..» والحديث أخرجه الترمذي في سننه ٤ / ٤٣١ ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٣٣ ، وراجع الباب الذي عقده السيوطي في الخصائص ٢ / ٤٠٢ ـ ٤١٤ وأورد فيه الأحاديث التي فيها إخباره صلىاللهعليهوسلم بما يفتح الله على أصحابه وأمته من الدنيا ، وإخباره بفتح الحيرة واليمن والشام والعراق وبيت المقدس وفتح مصر وغزاة البحر وغزو الهند وفتح فارس.
(٢) حيث مجاهل إفريقية في الجنوب والبحر وأوربا النصرانية في الشمال.
(٣) قول القاضي عياض ورد عنده في الشفا ١ / ٢٢٣.
(٤) العباس بن الوليد النرسي ، كان محدثا ثقة ، مات سنة ٢٣٨ ه.
انظر : ابن حجر : التقريب ص ٢٩٤.
(٥) كذا في الأصل والعباس بن الوليد لم يلق ثوبان. وبينهما حين من الدهر ، ولم أقف على رواية العباس بن الوليد عن ثوبان.