وعن علي رضياللهعنه : أن الله تعالى حين شاء تقدير الخليقة (١) وذرأ البرية وإبداع المبدعات ، نصب الخلق في صورة كالهباء قبل دحو الأرض ورفع السماء ، وهو في ملكوته وتوحد جبروته ، فأساح نورا من نوره ، فلمع قبس من ضيائه ، فسطع ثم اجتمع النور في وسط تلك الصورة الخفية ، فوافق ذلك صورة نبينا محمدا صلىاللهعليهوسلم ، فقال الله جل جلاله : أنت المختار المنتخب ، وعندك مستودع نوري وكنوز هدايتي ، من أجلك أسطح البطحاء ، وأمزج الماء ، وأرفع السماء ، وأجعل الثواب والعقاب ، والجنة والنار ، ثم أخفى الله الخليفة في كنته (٢) وغيبها في مكنون علمه ، ثم نصب العوالم وسط الزمان ، ومزج الماء ، وسطح الأرض ، وأنشأ الملائكة من أنوار ابتدعها ، وقرن بتوحيده نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم ، فلما خلق آدم وأودعه نور محمد صلىاللهعليهوسلم ، فلما غشى حواء انتقل النور إليها إلى أن وصل عبد الله بن عبد المطلب ، ثم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
ويروى أن أول ما خلق الله عزوجل نور محمد صلىاللهعليهوسلم ، فجزأه أربعة أجزاء :فخلق من الجزء الأول العرش ، ومن الثاني القلم ، ومن الثالث اللوح ، ثم جزأ الرابع أربعة أجزاء : فخلق من الأول العقل ، ومن الثاني المعرفة ، ومن الثالث نور الشمس والقمر والأبصار والنهار ، وجعل الجزء الرابع تحت ساق العرش ، فلما خلق آدم ـ عليهالسلام ـ أودعه الجزء ونقله من صلب إلى صلب إلى محمد صلىاللهعليهوسلم. حكاه صاحب كتاب «الدر المنظم».
__________________
(١) في (ط): «خلقته».
(٢) في (ط): «في غيبه».